]قصيدة "عنوان الحكم"
لأبي الفتح البستي
رحمه الله تعالى
أرجو أن تنال اعجابكم
و دمتم بخير.
عنوان الحكم
زيادةُ المرءِ فيدُنياه نُقصانُ .... ورِبْحُه غيرَ مَحْضِ الخير خُسْرانُ
وكل وجدانِ حظٍّلا ثباتَ لـه .... فإنَّ معناه في التحقيق فِقْــدانُ
يا عامراً لخرابِالدَّارِ مجتهداً .... بالله هل لخراب العمر عمران ؟
وياحريصاً علىالأموالِ تجمعُها .... أُنْسيتَ أنَّ سرورَ المالِ أحزانُ ؟
زع الفؤاد عنالدنيا وزينتها .... فَصَفْوُها كدرٌ والوصلُ هِجْـرانُ
وأَرْعِ سَمْعَكأمثالاً أُفصِّلُهـا ..... كما يُفَصَّل ياقـوتٌ ومَرْجــانُ
أحْسِنْ إلىالناسِ تَسْتعبِدْ قلوبَهُمُ .... فطالما استَعْبَدَ الإنسانَ إحسـانُ
ياخادمَ الجسم كم تشقى بِخِدمتِه .... أتَطلُبُ الرِّبْحَ فيما فيه خُسْرانُ ؟
أقبل على النفس واستكمل فضائلها .... فأنتَ بالنفسِ لا بالجسمِإنسـانُ
وإن أساء مسيءٌ فليكُنْ لك في .... عُروضِ زَلّتِه صَفْـحٌوغُفـرانُ
وكن على الدهرِ مِعْواناً لذي أملٍ .... يرجو نَـداك فإنَّالحرَّ مِعْـوانُ
واشْدُدْ يديك بحبلِ الله مُعتصِماً .... فإنه الرُّكـْنُإن خانَتْكَ أرْكـانُ
من يتق الله يُحمَد في عواقبه .... ويَكْفِه شرُّ منعزوا ومن هانوا
من استعانَ بغير اللهِ في طلبٍ .... فإنَّ ناصِـرَه عَجْـزٌوخِـذْلانُ
من كان للخيرِ مَنَّاعاً فليس له .... على الحقيقةِ إخـوانٌوأخْـدانُ
من جادَ بالمالِ مالَ الناسُ قاطِبةً .... إليه والمـالُللإنسـانِ فَتَّـانُ
من سالَمَ الناسَ يَسلمْ من غوائِلِهم .... وعاش وهوقَريرُ العينِ جَذْلانُ
من كان للعقلِ سلطانُ عليه غَدا .... وما على نفسِهِللحرصِ سُلطانُ
من مدَّ طَرْفاً لفَرْطِ الجهلِ نحوَ هَوىً .... أغضى علىالحقِِّ يوماً وهو خزيانُ
من عاشَرَ الناسَ لاقى منهمُ نَصَباً .... لأنسـوسَهُـمُ بَغْـيٌ وعُـدوانُ
ومن يُفَتِّشْ عن الإخوان يَقْلِهِمُ .... فَجُـلُّ إخوانِ هذا العَصْرِ خَـوَّانُ
من استشارَ صروفَ الدهرِ قامَ له .... علـى حقيقـةِ طَبْـعِ الدهرِ بُرهانُ
من يزرعِ الشَّرَّ يَحْصُدْ فيعواقِبِه .... ندامـةً، ولِحَصْـدِ الـزَّرْعِ إبَّـانُ
من استَنام إلىالأشرارِ نامَ وفي .... قميصِـهِ منهُـمُ صـلٌّ وثُعبــانُ
كن رَيِّقالبِشْرِ إنَّ الحرَّ هِمَّتُه .... صحيفـةٌ وعليهـا البِشْـرُ عُنْوانُ
ورافِقِ الرِّفْقَ في كلِّ الأمورِ فلم .... ينْـدَم رفيـقٌ ولـميَذْمُمْـهُ إنسانُ
ولا يغرَّنَّكَ حَظٌّ جَرَّهُ خَرَقٌ .... فالخُرْقُهَدْمٌ ورِفْقُ المـرءِ بُنْيـانُ
أحْسِنْ إذا كان إمكانٌ ومَقْدِرةٌ .... فلن يَدومَ على الإحســانِ إمكـانُ
فالروض يزدان بالأنوار فاغمة .... والحـرُّ بالعَـدْلِ والإحسـانِ يَزْدانُ
صُنْ حُرَّ وجهِك لا تَهْتِكغِلالَتَه ..... فكـلُّ حـرِّ لحـرِّ الوَجْـهِ صَـوّانُ
فإنْ لقيـتَعَدُواً فالْقَـهُ أبـداً .... والوَجْـهُ بالبِشْرِ والإشراقِغَضّـانُ
دَعِ التكاسُلَ في الخيراتِ تَطْلُبُها .... فليـس يسـعدُبالخيـراتِ كسـلانُ
لا ظِلَّ للمَرْءِ يَعْرى من تُقىً ونُهىً .... وإنْأظلَّتــــه أوراقٌ وأفْنـــانُ
والناسُ أعوانُ من والتْهُ دَولَتُهُ .... وهــم عليـه إذا عادَتْـهُ أعــوانُ
(سَحْبانُ) من غيرِ مالِ (باقِلٌ) حَصِرٌ .... و(باقِـلٌ) فـي ثـراءِ المالِ (سَحْبان)
لا تودِعِ السِّـروشَّـاءً يبوحُ بهِ .... فمـا رَعـى غنماً في الدَّوِّ سِرْحـانُ
لا تحسبِالناسَ طبعاً واحداً فلهم .... غرائـزٌ لسـتَ تُحْصيهـنَّ ألــوانُ
ما كلُّمـاءٍ كصـدّاءٍ لـوارِدِهِ .... نَعَـمْ، ولا كـلُّ نَبْـتٍ فهو سَعْــدانُ
لا تَخْدِشَنَّ بمَطْلٍ وَجْـهَ عارِفـةٍ ..... فالبِـرُّ يَخْدِشُــهمَطْــلٌ ولَيـّـانُ
لا تَسْتشِرْ غيرَ نَدْبٍ حازمٍ يقظٍ .... قد استَـوىفيـه إســرارٌ وإعلانُ
فللتدابير فرسان إذا ركضـوا .... فيهـا أبـروا، كمـاللحـرب فرسان
وللأمـور مواقيـتٌ مقـدرةٌ .... وكــل أمـر لـه حـد وميــزان
فلا تكُنْ عَجِلاً بالأمـر تَطْلبُـه .... فليـس يُحمَـدُ قبـلَ النُّضْجبُحْرانُ
كفى من العيش ما قد سَدَّ مِن عَوَزٍ .... ففيـه للحُـرِّ إنحقَّقْــتَ غُنْيـانُ
وذو القناعةِ راضٍ من معيشتِـهِ .... وصاحبُ الحِرصِإن أثْرى فغضبانُ!
حَسْبُ الفتى عَقْـلُه خِلاًّ يُعاشِرُه .... إذاتحــامـاه إخـوانٌ وخُــلاَّنُ
هما رَضيعا لِبانٍ: حِكمةٌ وتُقًى .... وساكِنـاً وطـنٍ: مـالٌ وطغيــانُ
إذا نَبـا بكريـم مَوْطِـنٌ فلـه .... وراءَهُ في بسيـطِ الأرضِ أوطـانُ
يا ظالِماً فرِحاً بالعـزِّ سـاعَدَهُ .... إن كنـتَ في سِنَـةٍ فالـدَّهرُ يقظانُ
ما استمرأ الظَّلمَ لو أنصفتَآكِلُهُ .... وهـل يَلـذُّ مـذاقَ الـمرءِ خُطْبانُ
يا أيها العالِمُالمَرْضِـيُّ سيرَتُـهُ .... أبشِـرْ فأنـتَ بغيـرِ المـاءِ ريانُ
وياأخاالجهلِ لو أصبحتَ في لُجَجٍ .... فأنـت ما بينهمـا لا شـكَّ ظمآنُ
لاتَحسبـنَّ سُـروراً دائمـاً أبداً .... مَن سَـرَّه زمـنٌ ساءَتْـهُ أزمانُ
إذا جَفَاك خليـلٌ كنـتَ تـألَفُـه .... فاطلُـبْ سِواهُ فكلُّ الناسِإخوانُ
وإنْ نَبَتْ بك أوطانٌ نشأتَ بهـا .... فارحـلْ فكـلُّ بـلادِ اللهِأوطـانُ
يا رافلاً في الشَّبابِ الرَّحبِ مُنْتَشِياً .... مِن كأسِهِ، هلأصاب الرشدَ نشوانُ ؟
لا تَغترِرْ بشبـابٍ رائـقٍ نَضِـرٍ .... فكـم تقـدمقبـلَ الشّيـبِ شُبّـانُ
وياأخا الشَّيبِ لو ناصَحتَ نفسَكَ لم .... يكـنلِمثلِـكَ فـي اللَّذَّاتِ إمعـانُ
هَبِ الشَّبيبةَ تُبدي عُذرَ صاحِبِها .... ما عُذرُ أشْيبَ يَستهويه شيطـانُ ؟!
كلُّ الذنـوبِ فـإن الله يغفرهـا .... إن شَيّـعَ المـرءَ إخلاصٌ وإيمـانُ
وكلُّ كسرٍ فـإن الدِّيـنَيَجْبُـرُهُ .... وما لكسـرِ قنـاةِ الدِّيـن جُبــرانُ
خُذهـا سوائـرَأمثـالٍ مهذبـةً .... فيهـا لمـن يَبتَغـي التِّبيـان تِبيانُ
ما ضَرَّحَسّانَها - والطبعُ صائِغُها - .... إن لـم يَصُغْهـا قَريعُ الشِّعرِحَسّانُ
]