مثل من يدعوة دعوة الباطل كالباسط كفيه للماء ولا يصل فاه
=================================
سورة الرعد
وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ
وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ
!! وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ
وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)ا
لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ
إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ
وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14)ا
وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (15)ا
قُلْ: مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ؟
قُلِ: اللّهُ
قُلْ: أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً ؟
قُلْ: هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ؟
أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ؟
أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ؟
قُلِ: اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)ا
* * * * * * * * * * * *
معاني الكلمات
=========
شديد المِحال: شديد المكايدة أو القوّة أو العقوبة
له دعوة الحقّ: لله الدّعوة الحق (كلمة التوحيد : لا إله إلا الله)ا
لله يسجد: لأمره تعالى ينقاد ويخضع
ظلالهم: تنقاد لأمره تعالى وتخضع
بالغدوّ: جمع غداة – أول النهار
الآصال: جمع أصيل – آخر النهار
* * * * * * * * * * * *
المثل
===
المثل في الأية رقم 14 .. لكن الأيات قبلها وبعدها تظهره
لله
سبحانه وتعالى وحده دعوة التوحيد (لا إله إلا الله) , فلا يُعبد ولا يُدعى
إلا هو , والآلهة التي يعبدونها من دون الله لا تجيب دعاء مَن دعاها ,
وحالهم معها كحال عطشان يرى الماء في بئر بعيدة ويحاول الوصول له ويبسط له
ذراعه وكفه ليمسك ببعض الماء ويصلها إلى فمه ليرتوي ; فلا يصل إليه ولا
يرتوي أبدا .. ولا يأتيه الماء ولا يلبي طلبه لانه جماد لا يسمع ولا يري
ولا يعي شيئا .. فكان دعاءه للماء باطل وكان في ضلال فكذلك هؤلاء المشركون
الذين يعبدون مع الله إلها غيره سواء صنم أو مخلوق من مخلوقات الله لا
ينتفعون بهم أبدا في الدنيا ولا في الآخرة.
فإن الرعد يسبِّح بحمد
الله تسبيحًا يدل على خضوعه لربه , وتنزِّه الملائكة ربها مِن خوفها من
الله , ويرسل الله الصواعق المهلكة فيهلك بها مَن يشاء من خلقه , والكفار
يجادلون في وحدانية الله وقدرته على البعث , وهو شديد الحول والقوة والبطش
بمن عصاه.
فكيف تدعون من لا حول لهم ولا قوة ولا يرى ولا يسمع ولا يستجيب لكم ؟؟
* * * * * * * * * * * *
تفسير الآيات
=======
تقدم الظرف في قوله ( لَهُ دَعْوَةُ الحَقّ ) لأجل إفادة الحصر ، ويؤيده ما بعده من نفي الدعوة عن غيره
لأن
الدعوة عبارة عن توجيه نظر المدعو إلى الداعي ، والإجابة عبارة عن إقبال
المدعو إليه ، وكلا الأمرين يختصان بالله عزّ اسمه ، وأمّا غيره فلا يملك
لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ـ وعند ذاك ـ كيف يمكن
أن يجيب دعوة الداعي؟
فالنتيجة أن الدعوة الحقّة التي تستعقبها
الإجابة هي لله تبارك وتعالى ، فهو حي لا يموت ، ومريد غير مكره ، قادر على
كلّ شيء ، غني عمّن سواه.
قال الطبرسي: هذا مثل ضربه الله لكل من
عبد غير الله ودعاه رجاء أن ينفعه ، فإن مثله كمثل رجل بسط كفيه إلى الماء
من مكان بعيد ليتناوله ويسكن به غلته ، وذلك الماء لا يبلغ فاه لبعد
المسافة بينهما ، فكذلك ما كان يعبده المشركون من الأصنام لا يصل نفعها
إليهم ولا يستجيب دعاءهم
ثم إنه سبحانه يقول في ذيل الأية : ( وَما
دُعاء الكافرينَ إلاّ في ضَلالٍ ) ، فإنّ الضلال عبارة عن الخروج عن الطريق
وسلوك ما لا يوصل إلى المطلوب ، ودعاء غيره خروج عن الطريق الموصل إلى
المطلوب ، لأنّ الغاية من الدعاء هو إيجاد التوجّه ثمّ الإجابة ، فالآلهة
الكاذبة إما فاقدة للتوجّه ، وإما غير قادرة على الاستجابة ، فأي ضلال أوضح
من ذلك؟