هو موسم الهجوم على قناة «الجزيرة» بلا مبالغة، فقد وجدت الأقلام فرصتها فى مهاجمة القناة، بعد أزمة استقالة خمس من مذيعاتها دفعة واحدة، فى استقالة معلنة ومسببة.
الأزمة التى تتجاهلها «الجزيرة»، يبدو أنها ستطول أكثر مما توقع صانعو القرار فى القناة، التى يتمنى الكثيرون لها أى زلة، وهو ليس بغريب.
لكن الغريب يا سادة، أن يتجاهل المسؤولون عن القناة الأمر، على اعتبار أنه زوبعة فى فنجان وستمر فى هدوء، وكأنه يخص قناة «تحت بير السلم»، أو كأن الأزمة سببها اختلاف فى وجهات النظر، وليس فضيحة أخلاقية!
المذيعات اللاتى أعلنّ استقالتهن بسبب رفضهن لملاحظات أبديت على ملابسهن ووصفها بغير المحتشمة، يتردد أن استقالاتهن جاءت لتعرضهن إلى التحرش (وفقاً لما جاء بملحق جريدة الأهرام)!
التحرش.. «يادى المصيبة»!، التحرش هو فعل فاضح بكل المقاييس، فإذا اقترن اسمه بقناة إعلامية، تكون المصيبة عظيمة، أما إذا اقترن باسم قناة تدعى العفة.. فالمصيبة أعظم!
«الجزيرة» تتعامل مع الرأى الآخر كأنها فوق النقد، صحيح أنه يحق لها الافتخار بما حققته من نقلة فى الإعلام الخبرى العربى، الذى سيؤرخ يوماً ما بما قبل «الجزيرة» وما بعدها، لكن الأمر هذه المرة مختلف، يجب على القناة الأكثر شهرة فى البيوت العربية، أن تعلن موقفا واضحا، وتقدم تفسيرات مقبولة، لا تعالى فيها، لما جرى، وإلا فستكون هذه القضية هى بداية رحلة السقوط، لقناة ملكت على الشعب العربى قلبه، ووضعت ميثاقاً «أخلاقياً» لمظهر مذيعاتها، لن نخطئ إن وصفناه بالمبالغ فيه.الاختلاف فى الرأى هو أن تقوم «الجزيرة» ببث خريطة فلسطين المحتلة، وتكتب «إسرائيل» بملء الشاشة، حتى أن قطاع غزة حين يشار إليه فى خريطة «الجزيرة»، يبدو نقطةً صغيرة على طرف حدود «إسرائيل»!، ماشى.. وجهات نظر، صحيح قد يفهم منها أن القناة قررت الاعتراف بإسرائيل، وأنها لا تمانع فى كون الأجيال القادمة ستترسخ فى أذهانها خريطة لا تليق بقناة مناهضة للتطبيع، لكنها.. «وجهات نظر».
لكن تهمة مثل «التحرش» بالمذيعات، تستحق التوقف أمامها طويلاً، فإذا كان المذيعات عانين منها، فهذا يعنى أن غيرهن يعانين ولا يستطعن الكلام، لأنه إذا كانت قناة تغامر بالتضحية بمذيعاتها (المذيع هو العنصر الأغلى على الشاشة)، فمن باب أولى الأقل منهن فى السلم الوظيفى يتعرضن لما هو أكبر.
الموضوع وما فيه، أن القناة مطالبة أمام الرأى العام العربى، بتوضيح ما جرى، بكل تفاصيله، ومحاسبة المسؤول لو أن هناك مخطئا، على أن تكون الإجابات المقدمة عن التساؤلات الجارية مقنعة، لأن «مفيش دخان من غير نار».