"الناس دى أولاد أصول" ،"الراجل ده بيفهم فى الأصول"، "الصنف ده من الأصلى".
عبارات نسمعها على ألسنة معظم الناس وفى حياتنا اليومية تعبر عن ميولنا الفطرية إلى كل ما هو ذو قيمة وذو صلة بعاداتنا وتقاليدنا وديننا، وهذا ليس بغريب فنحن أمة لها جذور وتاريخ ودين، ولكن الغريب أنه فى ظل هذا الاعتقاد السائد بعظم شأن كل ما هو نابع من ثقافتنا وتراثنا وأصولنا نجد أن توجهاتنا وأعمالنا لا تتفق مع ما نعتقده بقيمة هذه الأصول.
فالعالم اليوم يعج بالأفكار والمعتقدات والمذاهب والطوائف والمناهج والتوجهات والأيدلوجيات – كما يسمونها – وكل مدرسة تدعو إلى منهجها وتؤسس له بقواعد وأصول ومعطيات وحلول.
وفى ظل التراجع الحاد للدور العربى والإسلامى وتخليه عن دوره الريادى كما كان عليه فى الماضى اقتصر دوره على المشاهدة التى أدت مع مرور الوقت إلى التبعية، فأصبحنا مصبا ومرتعا لكل الأفكار والمعتقدات والمذاهب وظهرت فى بلادنا مدارس ومؤسسات وأحزاب وجمعيات وهيئات ومنظمات ومسميات، فهذا علمانى وهذا ليبرالى وهذا قومى وهذه رأسمالى وهذا وطنى، والغريب أن الكل يخطئ الكل، وأن كل مدرسة تسقط تلو الأخرى بأفكارها ومعتقداتها فأين الشيوعية، وأين الاشتراكية والآن ماذا يحدث للرأسمالية؟ إنها تنهار.
وفى ظل هذا الزخم والتدافع بين هذه الفقاعات نجد "أولاد الأصول" الذين لم يتبدلوا ولم يتغيروا ولم يتأثروا بهذه الأفكار، لأنهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسول الله فما تعارض معهما ردوه وما اتفق معهما قبلوه، ولأننا فى زمان انقلبت فيه المعايير أصبح من يتمسك بالكتاب والسنة متهم بأنه "أصولى"!! وهل هذه تهمة؟!! إنها ما يخيف أصحاب المذاهب الواهية أو إن شئت فقل الذين "لا يفهمون فى الأصول".