رغم الأنشطة الرئاسية المتعددة التى ظهر فيها الرئيس حسنى مبارك على مدى الأسبوع الماضى، وصولا إلى اليوم الثلاثاء، حيث شارك الرئيس فى تخريج دفعة جديدة من كلية الشرطة، إلا أن الصحافة الإسرائيلية والغربية ما زالت تصمم على الحديث عن موضوع صحة الرئيس، مروجة لبعض الإشاعات التى لم تستطع تأكيدها، مبررة ذلك بأن مبارك هو مرساة الاستقرار فى الشرق الأوسط وحليف هام، إن لم يكن أهم حليف عربى للولايات المتحدة الأمريكية.
الصحف الإسرائيلية والغربية بدأت فى صياغة السيناريوهات حول مصير الحكم بعد مبارك، ورأت أن واشنطن لا ينبغى أن تراقب مجرى الأمور بصمت بعد الآن، وأنها يجب أن تجبر "الفرعون المصرى" حسب تعبيرها، الذى حكم البلاد لقرابة الثلاثة عقود أن يعلن خليفة له.
وأشادت صحيفة نيويورك بوست الأمريكية بحكمة الرئيس مبارك، الذى استطاع أن يلفت الانتباه إليه مرة أخرى بتحريك دفة عملية سلام الشرق الأوسط إلى الأمام، إذ استقبل بالقاهرة مبعوث الرئيس الأمريكى إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إلى جانب لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو، ولكن هذه اللقاءات كان من المقرر انعقادها قبل أسبوع، عندما أجلتها القاهرة، الأمر الذى أيقظ دائرة الشائعات المتعلقة بصحة الرئيس مجددا.
وقالت الصحيفة الأمريكية إنه رغم رفض الرئيس مبارك تسمية نائب له، مثلما فعل كثير من سبقوه، إلا أن الأقاويل زادت بشأن تأييده لخلافة نجله جمال، رغم أنه لم يعلن ذلك قط على الملأ. وزعم إيال زيسر من مركز ديان بجامعة تل أبيب، أن عملية انتقال السلطة ستمر بسلاسة، لأن الكثير من المصريين يعتمدون على الحكومة وعلى الجيش، لذا أغلب الظن سيتفقون مع أى خليفة، سواء كان مبارك عينه سراً، أو شخصاً يخلفه، "ولكن ماذا إذا كان هؤلاء الخبراء مخطئين؟ فالمرء لا يمكنه التأكد من شىء حتى يحدث"، حسبما يقول زيسر.
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس مبارك كان، ولا يزال، حليفاً لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة للرؤساء الأمريكيين، وذلك منذ عهد الرئيس رونالد ريجان، وصلاته المتينة فى جميع أنحاء المنطقة، واعتماده على واشنطن، جعله ضرورياً لأى مناورة دقيقة. ورغم أن مصر تهاجم إسرائيل فى جميع الدوائر الدبلوماسية، إلا أنها تحتفظ بعلاقات طيبة مع المسئولين الإسرائيليين.
وتساءلت نيويورك بوست عما ينتظر مصر بعد مبارك، فهو تمكن من تضييق الخناق على جماعة الإخوان المسلمين، ومع ذلك، استطاعت الاستمرار وبقوة، لدرجة أن الرئيس مبارك شعر بضرورة إضفاء الشرعية عليها، بعدما تخلت عن العنف رسميا.
واختتمت الصحيفة تقريرها مشيرة إلى أن مصر تعتبر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، وإذا ما أقدم الإسلاميون على انقلاب، سيمثل الأمر كارثة على المنطقة بأسرها، "وفى هذا الوقت الحاسم، يجب على الولايات المتحدة ألا تعتمد على مبارك لحل أزمات المنطقة، وأن تضغط عليه لحل بعض المشكلات التى تواجه مصر".
ومن ناحية أخرى، زعمت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن تغيير نظام الحكم فى مصر سيكون له انعكاسات فورية على الجيش الإسرائيلى. فبحسب تقديرات المخابرات الإسرائيلية، فإن المرشح الأكثر احتمالاً لتولى زمام الحكم بعد الرئيس مبارك هو نجله جمال، الذى يعمل على حشد الحرس القديم فى مصر وإن كان يفتقد خبرة والده العسكرية، وأضافت، هناك مرشح آخر محتمل غير جمال مبارك، متمثل فى المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعى.
وتذرعت الصحيفة الإسرائيلية بوجود مخاوف فى إسرائيل حول مستقبل معاهدة كامب ديفيد، وقالت إن هذه المعاهدة ذات أهمية استراتيجية لكلا البلدين، إلا أن التهديد المستمر الذى يمثله الإسلام الراديكالى، يقوده الإخوان المسلمين، يعمل على تغيير هذا الوضع.
وزعمت الصحيفة أن أحد السيناريوهات التى يستعد لها الجيش الإسرائيلى هى مواجهة انتهاكات معاهدة كامب ديفيد، إلا أن جيروزاليم بوست تقول إن هذا هو السيناريو هو الأسوأ، بينما السيناريو الأكثر ترجيحاً هو يأخذ جمال مبارك بزمام الأمور من والده وينجح فى فرض سيطرته على بلد الـ 80 مليون نسمة.
وتختتم الصحيفة تحليلها بالقول إن العلاقات القوية بين مصر والولايات المتحدة ورؤيتها لنفسها كمركز العالم العربى، خاصة فى وجه البرنامج النووى الإيرانى، كل ذلك يمثل عوامل كبح قوية. وتشعر مصر بالقلق من إمكانية حصول إيران على أسلحة نووية وتنظر إليها باعتبارها تمثل تحدياً أساسياً للعالم العربى السنى الذى تعتقد أنها تقوده.