[center]عندما يجلس المرء مع نفسه ويفكر فيما يدور حوله يجد كيف أن حالنا يختلف عن حال الآخرين الذين نعيب عليهم ونصفهم بغياب الأخلاق ونعتقد بأننا
أفضل من يحمل رسالة الأخلاق ونتظاهر بأننا قدوة للغير ونريد من الأمم ان نقتدي بنا.
أقول يا ترى ما هي العلة في الشخصية العربية ولماذا نحن العرب بقينا على حالنا ونرفض ان نجدد ونتعلم من الآخرين ونصر على العودة الى الماضي ونعتبره بمثابة
المنقذ لنا ولا نبالي ولو لدقائق بان الماضي كان له رجاله وظروفه وهو لن يعود كما كان،
فالماضي عاد ماضياً وليس بحاضر وعلينا ان نعيش الحاضر ونتدبر أمور دنيانا ونتذكر كم لدينا من قوة في رسالة الاسلام لو استطعنا ان نفهم حقيقة الرسالة التي
قامت على الأخلاق الا اننا تعلقنا بالقشور وتركنا اللب وغلب علينا التظاهر والمظهر وأصبحنا ضحايا لصراع التناقض في القيم ونخرج بالليل بشكل وبالنهار بشكل
ونمشي ونحن نحمل تراكمات من التناقض في شخصيتنا.
التملق والمجاملة والنفاق والرياء سمات عادت تؤسس عليها الشخصية وهكذا نجد أنفسنا نتظاهر بما لا نؤمن فيه ونمارس الضحك على النفس ونعتقد بأننا أذكياء
حيث ننجح في الخداع.
أقول لبعض الأصدقاء بان العلة تكمن في غياب ما نسميه تطهير الذات، فنحن شعوب لا نملك القدرة على تطهير الذات حيث نعجز عن الاعتراف ونصر على
الممارسة الخاطئة ولا نتعلم من خبرات الحياة.
أقول لهم ان تطهير الذات يعني بان لك شيئاً في العالم وأدوات تصحح المسار سواء على مستوى المجتمع او الفرد، فالانسان في المجتمعات الغربية يملك الالية
لتصحيح الاعوجاج ويقوم نفسه ويقبل الحقيقة كما هي ويقبل واقعه دون رياء وكبرياء ولا تحكمه عقد، فعلى سبيل المثال كما تفننا في تبادل الرسائل الهاتفية
«نتطنز» وننكت على مجيء اوباما الشخصية السوداء وننسى بان ثقافة المجتمع صنعت الرجل الذي جاء الى البيت الأبيض المنتمي الى العرق الافريقي وعرقه لم
يقف حائلاً دون وصوله في دولة عاشت لعقود أمر التعصب الا أنهم تعلموا من تجاربهم وتركوا الماضي الذي استعبد فيه الأبيض الأسود ويتحول اليوم الى الرئيس
الذي يسير الأبيض والأسود. وتعالوا واسترجعوا معي الرئيس الفرنسي ابن المهاجر المجري الذي حقق ذاته دون ان يعاير بأنه ابن المجري. أننا شعوب لا تعرف ماذا
يعني لها تطهير الذات ونصر على اننا أفضل كل الناس ونحن نحتل أدنى مرتبات الأخلاق حيث تغيب المصارحة والانسجام مع النفس.
التطهير الذاتي ما هو الا ميكنزمات وآليات ثقافية يتعلمها الانسان من محيطه وهي بمثابة خط الدفاع الداخلي للانسان الذي يقرع الجرس عندما يخطئ ويرتكب هفوة.
التطهير الذاتي هو نوع من الحيوية لاستعادة الأمة لنفسها وافساح الفرص المتساوية للجميع وفق الكفاءة وليس ابن (س او ص) من الناس، انها عملية تمكن المرء من
التخلص طواعية وبوعي من أخطائه وعيوبه دون ان يفرض التصحيح من خارج دائرته او بالقوة. السؤال الذي نطرحه هل هذه الالية التي نفتقدها تؤدي الى دمار
المجتمع ؟
مثل ما قال المؤرخ الكبير ارونالد توينوبي وقبله الغزالي وابن خلدون حيث أكدوا بان الحضارات تحمل في طياتها وسائل التصحيح والحضارة التي يغيب عنها ذلك
فهي تتجه نجو الدمار لا محال.
فلنتعلم كيف نصحح هفواتنا وندرك بان الديموقراطية ما هي الا وسيلة لحل خلافاتنا وليس لتعزيز ثوابت تثبت التقوقع على الذات