بعد مرور 37 عاماً..
التليفزيون الإسرائيلى يزعم: جيشنا أصبح الأقوى والأقدر على حسم أى معركة مستقبلية..
وتل أبيب تعترف بفشل مخابراتها فى حرب أكتوبر
بعد مرور 37 عاماً على انتصارات أكتوبر المجيدة وتحقيق القوات المسلحة المصرية بجانب الجيوش السورية والعربية لهزائم منكرة للجيش الإسرائيلى لن ينساها فى السادس من أكتوبر عام 1973، بث التليفزيون الإسرائيلى تقريراً مصوراً أمس على قناته الفضائية العاشرة فى غاية الغرابة والاستخفاف، بل إنه يدعو للضحك والسخرية لما يحمله من مزاعم وأكاذيب اعتاد العالم على سماعها دائماً من الآلة الإعلامية العبرية منذ انتهاء الحرب وحتى الآن، وهى أن الجيش الإسرائيلى حقق انتصارات خارقة فى الأيام الأخيرة للمعركة، مما دعا قادة الجيوش العربية وعلى رأسهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات لقبول قرار وقف إطلاق النار.
ووصف التقرير التليفزيونى الذى بثته القناة العاشرة على موقعها الإلكترونى أيضاً مساء أمس، الثلاثاء، بأن حرب أكتوبر "يوم كيبور" أو "يوم الغفران"، كما يطلقون عليها بالعبرية هى الحدث الأكثر أهمية فى حياة وتاريخ الإسرائيليين.
وقال البروفيسور الإسرائيلى ايال زيسر المتخصص فى التاريخ العسكرى للقناة الإسرائيلية: "مما لا شك أن الحرب كانت مفاجأة وصدمة للوعى الإسرائيلى بعد ظهر السادس من أكتوبر يوم عيد الغفران اليهودى، حيث حرقت الحرب كل قلب إسرائيلى ينبض"، زاعماً أن الحرب شهدت انتصاراً مذهلاً للجيش الإسرائيلى، لافتاً إلى أن الجيوش العربية النظامية تهدد وجود دولة إسرائيل، ولذلك قامت تل أبيب منذ انتهاء الحرب بتغيير إستراتيجيها وإعداد جيش يكون قادراً على محاربة الجيوش العربية كلها فى وقت واحد.
ولفت التقرير التليفزيونى الإسرائيلى إلى أن ذكرى حرب أكتوبر هذا العام توافق يوم سبت، وهو نفس اليوم الذى نشبت فيه الحرب قبل 37 عاماً، مضيفاً أن الكثير من الإسرائيليين لن يستمتعوا هذا العام بعطلات رأس السنة العبرية وعيد يوم الغفران فحسب، ولن تكون تلك الأيام أياماً عادية، لكن ستكون للتذكر وللحساب، حيث سيكون يوم الأحد التالى ليوم الغفران ذكرى معركة أكتوبر 1973.
وأوضح المؤرخ الإسرائيلى، أنه قبل ستة أيام فقط قبل اندلاع الحرب بدأت مجموعة من المعلومات تدفقت للقيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية عن نية الجيوش العربية لخوض الحرب فى وقت قريب للغاية، وأنه بالفعل تم الحصول على هذه التقارير المخابراتية الدقيقة، ولكن بطبيعة الحال تم رفع الحاجبين من قبل تلك القيادات بالتعجب والاستهزاء والرفض، حيث كان من الأفضل لهم الاستعداد للحرب المحتملة وأن يأخذوا حذراً مسبقاً لنوايا مصر وسوريا، مضيفاً أن الأيام التالية لليوم الأول من أكتوبر كانت الأخبار عن احتمال نشوب معركة أكثر من سابقتها بصورة غير عادية، وأن التجمعات للقوات من الجانب المصرى من قناة السويس كانت أكثر مما قبل والموضوع نفسه على الجبهة السورية عند هضبة الجولان، لكن بالرغم من كل هذا وتمسك الجميع برأيهم من عدم وجود حرب مرتقبة تمسك رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اللواء إيلى زيرا باعتقاده أيضاً من أن الجيوش العربية غير قادرة على خوض حرب ضد إسرائيل، وأن الرئيس السادات لن يستطيع أخذ قرار مثل هذا.
وقالت القناة الإسرائيلية، إن معظم سكان إسرائيل الذين ولدوا بعد عام 1973 أو من هاجروا إليها خلال العقود الماضية يعتبرون حرب أكتوبر هو أكثر الفصول غموضاً فى التاريخ الإسرائيلى، مضيفة أنه بعد أكثر من ثلاثة عقود من السلام مع مصر وامتلاء عناوين الصحف هذا الأسبوع بتجديد المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، إلا أن الكثير من الإسرائيليين يرون أن حرب "يوم الغفران" هو الحدث الأكثر أهمية فى حياتهم.
واعترفت القناة العاشرة خلال تقريرها المستفز هذا بفشل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وجهاز الموساد الإسرائيلى فى توقع اندلاع حرب "يوم الغفران"، واعتبرته أحد أشهر أنواع الفشل الذريع لتلك الأجهزة الإستخباراتية، موضحة بأنه بسبب الغطرسة واحتقار العدو، والثقة المفرطة بأن إسرائيل هى الأقوى دفعت إسرائيل الثمن وهو قتل الآلاف من أبنائها، مضيفة أنه فى الواقع عانى الجيش الإسرائيلى خلال الحرب بآلاف القتلى والجرحى، ولكن فى الوقت نفسه فإن الحرب كانت إنجازاً غير مسبوق للجيش الإسرائيلى، على حد زعمها، وذلك بالرغم من فشل المخابرات، حيث تمكنت إسرائيل من الاقتراب إلى نصر حاسم ضد أعدائها، وانتهت الحرب عندما كان الجيش الإسرائيلى على بعد مائة ميل من القاهرة عاصمة مصر، وأقل من 40 ميلاً من دمشق العاصمة السورية، مستطردة مزاعمها أنه على الرغم من الثمن الباهظ المدفوع من قبل القوات الإسرائيلية تمكنت من توجيه ضربة حاسمة لجيوش العدو.
وأضاف التقرير التليفزيونى، أن حرب أكتوبر جعلت إسرائيل تشعر بالكامل بأنها تواجه تهديداً وجودياً، بعد أن تدفقت مئات الآلاف من القوات المسلحة المصرية مجهزة بالدبابات والمدرعات باتجاه المناطق الحدودية، ولكن قام الجيش الإسرائيلى بإزالة هذا التهديد، على حد زعمها.
وقالت القناة الإسرائيلية، إنه منذ ذلك الحين وإسرائيل لا تستطيع العدول عن هذه الإستراتيجية بعد تلك الإنجازات العسكرية فى حرب أكتوبر، على حسب الإدعاءات الكاذبة للتقرير، مضيفة بأن تل أبيب خاضت جميع حروبها بعد ذلك بنفس الكفاءة بداية من حرب لبنان الأولى التى وصل فيها الجيش الإسرائيلى لحدود مدينة بيروت، لكنه ترك فى نهاية المطاف تعرض للضرب وللكدمات من المقاومة اللبنانية دون أن تحصل على أهدافها، لذلك حرب لبنان الثانية فعلت إسرائيل الأمر نفسه وأنه لم ينتصر حزب الله على الجيش الإسرائيلى ولم يتحقق له النصر، مضيفة أنه لا يوجد وجه للمقارنة لمستوى التحدى الذى قدمه الجيش من قتل عدة آلاف من مقاتلين حزب الله خلال حرب لبنان الثانية.
وكررت القناة تأكيدها بأن حرب السادس من أكتوبر واجهت إسرائيل فيها تهديداً وجودياً لم تعرفه من قبل حتى يومها هذا، حيث عبرت مئات الآلاف من القوات المصرية المجهزة بالدبابات والمدرعات وأسرعت بالعمق داخل سيناء وعبر الجيش المصرى قناة السويس ودخل بعمق ستة أميال فى شبه جزيرة سيناء، فى حين أن القوات السورية جاءت ايضا مسرعة خلال بضع دقائق وكان الطريق مفتوحاً لها لدخول منطقة "طبريا" و"وادى الأردن"، زاعمة بأن الجيش الإسرائيلى حقق فعلا انتصارا بالمعركة وأزال التهديد الوجودى الذى شكله الجيوش العربية النظامية من جانب مصر وسوريا ضد إسرائيل، وأضافت زاعمة أن أتفاق السلام الذى وقعته مصر مع إسرائيل فى منتجع "كامب ديفيد" بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1979 كان نتيجة هذه الانتصارات الضخمة للجيش الإسرائيلى، على حد زعمها، فيما لا يزال السوريين يصرون على الجبهة السورية منذ حوالى أربعة عقود من الزمان لاستكمال قرار وقف إطلاق النار بهدوء على الحدود، وكان ذلك لأن نتيجة الحرب صبت لصالح تل أبيب على القاهرة ودمشق وبفضل الإنجازات التى حققها الجيش الإسرائيلى.
وادعى التليفزيون الإسرائيلى أن الجيش أصبح الآن جيشاً قوياً وذا قدرات عالية ويمتلك التكنولوجيا المتقدمة.
وقال المؤرخ الإسرائيلى، أن هناك ثلاث دروس هامة يجب أن يتعلمها كل إسرائيلى من حرب السادس من أكتوبر أولها، أنه على الرغم من الذكريات المؤلمة فى حرب 1973 إلا أنها شهادة فخر وقوة لإسرائيل وغنها دليل على قوة المجتمع الإسرائيلى، الذى تحمل الضربات القاسية وكان قادراً على اجتياز الاختبار، وثانيها، أنه فى سنوات ما بعد الحرب حاولت إسرائيل مرة أخرى للقتال على سبيل المثال حرب وكان على الجيش الإسرائيلى أن يحتوى التحدى الحاصل على الساحة العربية وعلى حدود إسرائيل الشمالية.
وأخيراً فإن الدرس المستفاد من حرب أكتوبر وفقاً لمزاعم التليفزيون العبرى فى المقام الأول، هو الحاجة إلى منع اندلاع الحروب، ولكن إذا اندلعت الحرب فليس هناك حاجة للفوز أو للخسارة ولكن يجب خوضها لتحقيق الانتصارات.