شريف الحكيم عضو فعال
عدد المساهمات : 4068 تاريخ التسجيل : 19/12/2009
| موضوع: الشروق الجزائرية كم أنت صغيرة يا مصر! الخميس فبراير 04, 2010 11:20 pm | |
| كم أنت صغيرة يا مصر! بقلم:د. أحمد عظيمي: أستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام يبدو أن "أبو الهول" الفاقد لأنفه منذ زمن طويل بدأ يحس بخطورة التفتت الذي ينخر جسمه، فراح يبحث عن عدو عربي يخوض ضده حربا إعلامية لتلهية الغلابة المصريين، بعض الوقت، مما يتكبدونه من عناء يومي من أجل الحصول على الرغيف الأسود.
- ولأن الغوغاء المصرية "الغاشي بالتعبير الجزائري"، التي لم تبلغ بعد مستوى الشعب، معروفة بانتشار الأمية في أوساطها (50 بالمائة من الشعب المصري) وبالغباوة وبمحدودية قدرتها على التمييز بين الحقيقة والكذب فهي تصدق كل ما يكتب ويقال في ما يسمى بالإعلام المصري.
السلطات المصرية المدركة لهذه الحقيقة تعمل منذ زمن جمال عبد الناصر على تدعيم ترسانتها الإعلامية، خاصة في مجال التلفزيون، وتشجيع الفنانين والراقصات بتحويلهم إلى رموز شعبية يبيعون الوهم، عبر المسلسلات التلفزيونية، للغلابة المصريين الذين يموتون في طوابير العيش، كما يستعملون، وقت الحاجة، في عمليات تجنيد الشارع المصري لتدعيم الحاكم أو للتظاهر ضد هذا البلد العربي أو ذاك.
التضليل طبيعة ثانية
التضليل، والذي هو ممنوع قانونا لدى الشعوب المتحضرة حيث يحرم استعمال وسائل الإعلام، سواء كانت خاصة أو عمومية، لتغليط الرأي العام، هو طبيعة ثانية لدى النظام والإعلاميين المصريين. ذلك ليس بالأمر الجديد، فالمعروف عن هؤلاء أن لهم قدرة رهيبة على تحويل الهزائم إلى انتصارات في حرب1967، تمكن الجيش الإسرائيلي من تدمير كل الطائرات العسكرية المصرية على مدرجات المطارات العسكرية وألحق، في ساعات قليلة، هزيمة نكراء بالجيش المصري، وبينما كان العساكر المصريون يفرون من الجبهة كانت الإذاعة المصرية تلعلع في سماء الأمة العربية، التي صدقتها، معلنة الانتصارات الوهمية المحققة في الخيال بحيث بلغ عدد الطائرات الإسرائيلية التي أسقطتها الإذاعات المصرية الأربع مائة طائرة مع تمكن الطيران المصري من »دك تل أبيب دكا«، ولم يسكت تجار الأوهام المصريون ويعترفون بالهزيمة إلا مع وصول طلائع الجيش الإسرائيلي إلى مشارف المدن الكبرى وإعلان الرئيس جمال عبد الناصر في خطاب، أصبح تاريخيا، عن رغبته في التنحي عن الحكم.
للتاريخ، نسجل هنا أن أول طائرات حربية حلقت فوق رؤوس اليهود وأرعبتهم بعد الهزيمة، كانت طائرات الجيش الجزائري التي أمر المرحوم هواري بومدين بأن تتوجه إلى مصر وأن تدخل المعركة بمجرد وصولها. الأسراب الجوية الجزائرية بقيادة ضابط الجيش الوطني الشعبي محمد الطاهر بوزغوب، وهو لازال على قيد الحياة، توّلت حماية سماء مصر التي كانت، قبل وصول الأسراب الجزائرية، مفتوحة تماما أمام الطيارين الإسرائيليين يعبثون فيها كيفما شاءوا. الكثير من الإسرائيليين الذين كتبوا عن هذه الحرب يعترفون بأن وصول الطيارين الجزائريين قلب الموازين في سماء مصر وجعل طياريهم يتوّخون الكثير من الحيطة والحذر في طلعاتهم خوفا من الاشتباك مع الطيارين الجزائريين الذين تمكن بعضهم التحليق فوق سماء تل أبيب، كما يعترفون بأن وحداتهم القتالية كانت تتجنب، على الأرض، الاشتباك مع بواسل لواء الجيش الجزائري المدرع، الذين أخذوا مواقعهم ضمن بقايا الفرقة الرابعة المدرعة المصرية بمجرد وصولهم إلى الجبهة، وراحوا يتحدون القوات الإسرائيلية المقابلة والتي فهم قادتها، من اللحظات الأولى لوصول وحدات الجيش الجزائري، بأن ميزان القوى على الأرض بدأ يتغيّر لصالح الجبهة المصرية، فأوقفوا تحرشاتهم وتحديهم اليومي لبقايا الجيش المصري بالجبهة. هذه الحقائق التاريخية، لا نجد لها أثرا في كل ما كتب وقيل وصور في مصر حول ما يسمونه هناك بكلمة نوردةة تجنبا لكلمة هزيمة.
أخلاق العبيد
تنكر المصريين للذين يساعدونهم معروف، فأخلاق العبيد التي جبلوا عليها، منذ عصر فرعون الذي استعبدهم، والذي تقول الآية الكريمة أن الله أغرق آل فرعون جميعا، مما يعني أن الذين نجوا من الغرق هم العبيد الفاقدين لإرادتهم. أخلاق العبيد تجعل المصريين يتميزون بصفات اللؤم والخبث والنفاق والطعن في الظهر مع الصديق والتذلل والتمسكن أمام القوي. ذلك ليس بالأمر الغريب، ففي حاكمهم المملوك كافور قال المتنبي قولته الشهيرة »لا تشتري العبد إلا والعصا معه«. اللؤم المصري، لا يمارس ضد العرب فقط، بل يشمل تعاملهم حتى مع بني جلدتهم، فبعد حرب أكتوبر التي حقق فيها الجيش المصري نصرا جزئيا، أبعد مهندس وقائد هذه الحرب، الفريق سعد الدين الشاذلي، من مصر، وحوكم فيما بعد في المحاكم المصرية. الغريب في الأمر، أن دور هذا القائد المصري الخارق للعادة تم تجاهله تماما لصالح الرئيس الحالي حسني مبارك الذي لم يكن، وقت حرب أكتوبر، سوى قائدا للطيران. الزائر لمتحف القوات المسلحة بقلعة صلاح الدين الأيوبي، يصدم وهو يتجوّل عبر الجناح الطويل العريض المخصص لحرب أكتوبر، بالتغييب المقصود للقائد الحقيقي لحرب أكتوبر وبإحلال حاكم مصر الحالي محله. حيثما وجه الزائر نظره يقع على صور حسني مبارك الذي يقال أنه فر من الميدان في حرب 1967 تاركا طائرته جاثمة على أرضية المطار ليدمرها الطيران الإسرائيلي. إنه الإعلام المصري، القادر على تحويل الجبان إلى قائد والتضليل التام على القائد الحقيقي. في كل سنة، عندما تحتفل مصر بذكرى حرب أكتوبر، وهذا منذ أيام السادات الذي جعله الإعلام وقتها هو القائد الحقيقي لحرب أكتوبر، لا أحد من الإعلاميين أو المؤرخين ولا حتى من العسكريين القدماء الذين شاركوا في هذه الحرب، يتجرأ ويذكر اسم الفريق سعد الدين الشاذلي.
شعب فاقد للوعي
تجار الكلام في الإعلام المصري يبيعون للغلابة المصريين، الذين يزاحمون الموتى في قبورهم بحثا عن أماكن تأويهم، يبيعونهم الوهم بأن مصر هي فعلا أم الدنيا.. لا شك، أن جدنا المعز لدين الله الفاطمي لما ذهب من الجزائر إلى مصر وفتحها وشيّد القاهرة، لم تكن تخطر في باله أبدا بأنه سيأتي يوم يبلغ فيه هذا البلد من الفقر والتسيّب حد عدم احترام حتى حرمة الموتى. بقاهرة المعز يسكن ثلاثة ملايين مصري في المقابر، يزعجون بصخبهم وأوساخهم ورذيلتهم سكون وقداسة المكان.
الزائر للقاهرة يصاب بالدوار إن تجرأ وابتعد بضعة أمتار عن قلب المدينة، سيجد أحياء كاملة غارقة في الوردالة -كما يسمونها هناك- والأطفال يحيون ويكبرون بين المجاري التي تسيل في الهواء الطلق. ستة ملايين مصري، يعيشون في ما يسمونه بالعشوائيات حيث لا ماء ولا كهرباء ولا نظام مجاري ولا دولة ولا قانون. العشوائيات، هي مساحات فقر لا يوصف، يعيش فيها أناس كأنهم من أهل الكهف، بمجرد أن يراهم الزائر يولي الأدبار، وهي تحيط بالقاهرة حتى تكاد تخنقها. في هذه العشوائيات تنتشر كل أنواع الفساد وكل ما لا يخطر في ذهن الإنسان المتحضر من أنواع الرذيلة، ومنها تختار كباريهات وأماكن اللهو بالقاهرة وشرم الشيخ والغردقة فتيات دون الثامنة عشر يحولونهن إلى راقصات وبائعات الهوى تقدم للسياح الإسرائيليين.. بهذا، تمكنت مصر من تحطيم الرقم القياسي العالمي في عدد الراقصات والعاهرات وأصبحت تعرف فعلا باسم: بلد المليون راقصة.
السواح العرب والأجانب الذين يذهبون إلى مصر يعرفون جيدا معنى كلمة »الكرامة« لدى هذا الرهط من البشر. كل شيء يباع ويشترى في هذا البلد. تجد ألوية وعمداء الشرطة الذين ينظمون المرور يشحذون الجنيهات من السواح ويعلنون عن رغبتهم في القيام بأية خدمة مقابل بضع جنيهات. كلهم شاويش وكل شاويش هو خادم مطيع. كلما تجوّلت في شوارع المدن المصرية إلا وأحسست بالغثيان من مستوى الرخص والانحطاط لدى هؤلاء الناس.
كل جزائري، غير عارف لعمق مصر وطبيعة شعبها، بمجرد أن يتجوّل في الأحياء الشعبية والعشوائيات يبادر إلى ذهنه السؤال التالي: لماذا لا يثور هذا الشعب ولماذا يقبل بالعيش في مثل هذه الظروف؟
الشعب في الجزائر يتظاهر ويقطع الطرق لأسباب تبدو للمصريين، حتى لمتوسطي الحال منهم، من الكماليات، لكنهم هنا، في مصر، لا يثورون ولا يشكون لأنهم مزطولون.
المخدرات تنتشر في مصر بشكل لا مثيل له، والكل، من المسؤول الكبير إلى البطال الذي يتحصل على البقشيش مقابل خدمات معينة، يتناول المخدرات التي تدر تجارتها أموالا طائلة على المسؤولين في أعلى هرم السلطة.
إلى جانب المخدرات، يساهم الإعلاميون المصريون بقسط وافر، منذ عهد جمال عبد الناصر إلى اليوم، في خلق حالة يسميها الكاتب المصري توفيق الحكيم بحالة اللاوعي الشعبي. لقد أفقدوا شعب مصر وعيه من خلال تعريضه باستمرار للدعاية المركزة، وإقناعه بأن كل العرب يحسدونه لأنه يعيش في »أم الدنيا«. المواطن المصري المسكين الذي لم يغادر مصر أبدا، ولا يشاهد القنوات الأجنبية، ولا يقرأ الصحافة العالمية، وإضافة لطبيعته المتخاذلة ولجينات القابلية للعبودية الكامنة فيه، يصدق فعلا بأنه الأسعد والأقوى في العالم العربي وبالتالي فهو الأجدر بتمثيل العرب في كل شيء خاصة وأن وراءه سبعة آلاف سنة من التاريخ، مع أن مصر لم يحكمها مصري إلا منذ الانقلاب العسكري في 1952 لقد تداول على حكم مصر كل من هب ودب بما في ذلك المماليك الذين كانوا عبيدا، كما أن أحد الحكام الفاطميين، وهذا معروف لدى المصريين ومسجل في كتب التاريخ، عاقب كل الشعب المصري بأن يلبس لباس الصيف في الشتاء ولباس الشتاء في الصيف وما كان عليهم سوى الامتثال لأمر الحاكم. مع ذلك يعتزون بهذا التاريخ المليء بالمهانات وينسون أن أسعد الشعوب وأكثرها تقدما في عالم اليوم هي تلك التي لا تاريخ لها، ومصر نفسها تتلقى صدقة سنوية بمقدار مليارين من الدولارات من الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تاريخ لها.
بيدق برتبة "مجنون"
ولأن رجال مصر هم لمن غلب، كما وصفهم عمر بن العاص قبل أربعة عشر قرنا، ولأن جينات العبودية تتحكم في سلوكات هؤلاء الناس، فبمجرد انتهاء حرب أكتوبر، بادر رئيسهم أنور السادات، في حركة بهلوانية لا تليق بالمنتصر، بزيارة عاصمة العدو الإسرائيلي المغتصب ليباشر مع الإسرائيليين محادثات أوصلته إلى اتفاقيات كامب ديفيد التي أصبحت بموجبها مصر بيدق للسياسة الأمريكية في المنطقة، لكن بيدق برتبة »المجنون« في لعبة الشطرنج، فكلما يحدث تحرك على الساحة العربية للقيام بأي نشاط معاد لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أو أية محاولة لتغيير ما بالعرب من خضوع وتخلف إلا ونجد البيدق المصري يقفز في كل الاتجاهات للتصدي لكل ما من شأنه أن يخدم قضايا التحرر العربي أو الإفريقي. يكفي أن نذكر هنا بالهستيريا التي ركبت النظام المصري لما حاولت الجزائر طرح مشروع لتطوير آليات سير أجهزة جامعة الدول العربية.
البيدق تحرك بجنون أكبر خلال الحرب التي خاضتها قوى المقاومة اللبنانية ضد الجيش الإسرائيلي سنة 2006، وهي الحرب التي بينت شجاعة وقدرة المقاومة اللبنانية وأكدت حقيقة الجيش الإسرائيلي الذي عجز في التقدم في الأرض اللبنانية. الرئيس المصري تصرف خلال هذه الحرب بكل نذالة، بحيث عمل المستحيل لجعل الجيش الإسرائيلي ينتصر على المقاتلين اللبنانيين.
نفس الموقف كان لمصر خلال الاعتداء الصهيوني على سكان غزة المسالمين، بحيث عمل إعلامها على تضليل الرأي العام المصري وإخفاء الحقائق عنه، وأظهر القضية على أنها مؤامرة على مصر، مع أن حكام هذا البلد هم الذين يتآمرون على الشعب الفلسطيني منذ 1948 إلى اليوم، وهم الذين أغلقوا معبر رفح ليحرموا أحرار العالم من توجيه مساعداتهم الإنسانية للأطفال العرب في غزة.
أخيرا، ورغم كل ما سبق وهو القليل القليل مما نعرفه عن مصر، فإن هؤلاء القوم يتجرؤون ويصفون أحرار الجزائر بالبربر والهمج والمجانين والإرهابيين والمتخلفين والمعقدين ووصفوا أنفسهم بالكبار! فعن أي كبر يتحدثون؟ أعن القمامة التي تغطي أسطح القاهرة أكثر من أرضها، أم عن مياه المجاري التي يشرب منها شعب يجلس فوق النيل، أم عن الفساد الذي قال عنه أحد نواب مجلس الشعب المصري أنه لولا الفساد لانهارت مصر. وعندما يتحدثون عن الكرامة المصرية، نسألهم: ماذا فعل رئيسهم لوزير خارجية إسرائيل ليبرمان عندما هدده بقصف السد العالي؟ وهل استطاع أن يرد على الوزيرة الإسرائيلية عندما راحت تهدد، من القاهرة، بقتل الفلسطينيين في غزة؟ ولماذا لم تجيش »أكشاكهم« الفضائية الشعب المصري ضد إسرائيل كما فعلت ضد الجزائر؟ وماذا فعلوا للدفاع عن أسراهم الذين تؤكد الشهادات والوثائق الإسرائيلية الرسمية أنهم ذبحوا في حرب 1967؟ وماذا عن جنودهم الذين يقتلون على حدود رفح دون أن يحركوا ساكنا؟ وماذا فعلوا انتقاما لعالمهم الكبير الذي اغتاله الموساد أمام أعين رجال أمنهم المشغولين بملاحقة الإخوان المسلمين والفلسطينيين؟
| |
|