الحرب التى أعلنها الإعلام المصرى ممثلا فى المنطقة الإعلامية الحرة ونايل سات على الفوضى الإعلامية التى اجتاحت سماء مصر وهددت استقرارها وأمنها القومى وهددت تماسك مواطنيها، الأمر الذى وجب معه التعامل بحزم مع القنوات التى تعبث بمصائر الناس، هذه الحرب لم يكن من السهل إعلانها ولم تمر مرور الكرام، فهناك حرب مضادة شنها المتضررون من استقرار الوطن وإجراءات نايل سات، وكذلك المتربصون بمصر، الأمر الذى جعلهم يشنون على نايل سات حربا شعواء انتقاما منه بعد إغلاقه القنوات.
حرب الشائعات
بدأت هذه الحرب مع نشر الكثير من الشائعات حول نايل سات للنيل من بعده الإقليمى وقوميته العربية باعتباره رائد الإعلام الفضائى فى المنطقة العربية من بين هذه الشائعات استضافة نايل سات لقنوات إسرائيلية مثل قناة "MIX" وكذلك قنوات مسيحية مثل قناة الكرمة الأمريكية الناطقة بالعربية، ذلك مقابل طردها لقنوات إسلامية وأراد مروجو هذه الشائعات شحن الرأى العام العربى والإسلامى ضد نايل سات ليبدو كأنه عميلا، وإن كانت هذه الشائعة أصلا فى صالح نايل سات، لأنها تؤكد على موضوعيته وابتعاد المسائل السياسية عن ضوابط عمله وهى شائعات غير صحيحة على أى حال وتعبر عن جهل من أطلقها بحيز ترددات الأقمار الأخرى.
أما المدهش أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تحالفت مع قطر فى حرب الشائعات على القمر الصناعى المصرى نايل سات وقالوا إنه يستخدم فى أغراض التجسس، وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن الشركة التى قامت بتصميم هذا القمر الصناعى هى شركة أوكرانية، هذه الشائعات أطلقت أيضا بسبب رفض نايل سات التعامل مع قنوات صهيونية وانتصار نايل سات الإعلامى الكبير بسيطرته الإعلامية على منطقة الشرق الأوسط.
وفى نفس المدار الذى يدور فيه نايل سات 7 درجات غربا أطلقت فيه الشركة الفرنسية يوتل سات قمرها، كما أطلق فيه هوت بيرد أحد أقماره وأصبحت هذه الأقمار بما فيها من قنوات خارجة عن الشرعية يلتقطها بشكل لا إرادى أى جهاز يستقبل قنوات نايل سات، فيما تربصت بعض الجهات لاستثمار هذا للتشهير بنايل سات على اعتباره يتعامل مع قنوات خارجة.
حرب الأقمار والأمن القومى
الحرب ضد نايل سات لم تقف فقط إلى حدود الشائعات إنما وصلت إلى مرحلة تكسير العظام ومحاولات الدول التى تعادى مصر إعلاميا تتبنى قطر حرب الشائعات على نايل سات من خلال قناة الجزيرة فى إطار سياستها تجاه مصر والتى أشاعت عنها فى أزمة بث البطولة الأفريقية الأخيرة فى أنجولا أنها قامت بالتشويش عليها كتصرف انتقامى، ولكن بعيدا عن ادعاء الجزيرة فهذا الحدث الذى مازال مجهولا حتى الآن مصدره من الممكن أن يتكرر مرة أخرى ويحدث تشويشا على نايل سات، خصوصا من قبل إيران بعد أن أعلنت عن إطلاق قمرها الصناعى الأول والذى أرادت أن تشيع بين الأوساط الإعلامية أنه سيكون أقوى قمر صناعى فى المنطقة، وهو ما لم يحدث بالقطع بعد مرور قرابة عام على إطلاقه دون أن يحقق أى نجاح، بسبب ضعفه تقنيا وصعوبة وصولة إلى كافة الدول بالمنطقة، خصوصا أنه تم إطلاقه فى مدار 15 درجة شرقا، وهى تغطى أكثر دول شرق الخليج العربى، وفضلا عن أن القمر صناعته إيرانية فهو إلى حد ما بدائى وفى غاية التواضع تقنيا، بدليل أن القنوات الإيرانية نفسها الموجهة للشرق تبث مؤادها عبر الأقمار الأخرى التى تدور فى مدار نايل سات 7 درجات غربا.
وكذلك مشروع إطلاق القمر الصناعى القطرى الذى أشاعت عنه قطر أنه سيكون أحدث من المصرى، ويصل مداه حتى دولة المغرب، وسيستضيف القنوات التى أغلقت على نايل سات، أضف إلى ذلك أيضا مشروع إطلاق قمرين لدولة الإمارات القمر الصناعى الإماراتى "ياه سات1 و2" فى 2011.
الدكتور محمد الجوادى الخبير فى الأمن القومى يحلل مسألة تعرض نايل سات لحرب التشويش، مثلما حدث فى أزمته مع الجزيرة قائلا "هناك اتفاقيات تحكم العلاقات الدولية فيما يتعلق بالبث الفضائى تقوم على أساس القانون الدولى الذى يحكم المسألة، لأن التشويش على القمر الصناعى يعد تصرفا عدائيا وغير قانونى، ولابد من اللجوء إلى القضاء الدولى.
ويشير الجوادى أيضا "بالتأكيد عملية إعادة تنظيم البث الفضائى التى يقوم بها نايل سات من شأنها أن تخلق بعض الأزمات العابرة وهى لا تمثل تهديدا حقيقيا للأمن القومى فبعض الجهات تهدف إلى خلق الإثارة بين الجماهير من خلال قنوات الفتنة الطائفية التى تمثل تهديدا حقيقيا للأمن القومى بسبب الحقن المستمر من هذه القنوات للمواطنين، وفى الدول الأوروبية لا يعتبرون إجراء إغلاق هذه النوعية من القنوات نوعا من الحجر على الحرية بل بالعكس يعتبرونه حماية للحرية.
التفوق التقنى القمر الجديد نايل سات 201
إطلاق القمر المصرى الجديد نايل سات 201 وضع مصر على عرش الإعلام الفضائى بالمنطقة بعد أن تم إطلاقة فى أغسطس الماضى، فالقمر الجديد الأكثر تطورا بالمنطقة ويحمل خصائص الجيل الثالث من الأقمار الصناعية، حسبما أوضح مصدر بنايل سات وأكد أن "القمر الجديد يحتوى على 24 قناة قمرية والقناة القمرية تتسع لـ 14 قناة تليفزيونية"، تعمل بنظام "ثص باند" و4 قنوات قمرية تعمل على نظام "ثء باند".
وقال إن القمر الجديد، بالإضافة لكونه إحلالا للقمر الصناعى نايل سات (101) بعد انتهاء عمره الافتراضى فى 2013، فهو يمثل توسعاً لإمكانيات وقدرات النايل سات فى الموقع المدارى 7 درجات غرب، مشيرا إلى أن نايل سات (201) سيغطى المنطقة العربية بشكل أوسع من القمرين الصناعيين المصريين (101 و102) حيث ستصل التغطية حتى جنوب السودان، وأضاف المصدر أن القمر (201) مزود بالتكنولوجيا ذاتها ولكن التصنيع تم بشكل أكثر تحديثا بخلاف السعة الأكبر، مشيرا إلى أن القمر الجديد سيكون امتدادا للتوسع فى خدمات النايل سات من خلال البث فائق الجودة وتليفزيون الإنترنت والتليفزيون ثلاثى الأبعاد.
ضرورة وجود اتفاق إقليمى على ميثاق موحد للبث
تنظيم البث أمر ضرورى للحد من الفوضى الإعلامية، هذا ما يؤكده الدكتور عبد اللطيف العوضى وزير الإعلام المفوض بجامعة الدول العربية الذى قال "ميثاق الإعلام العربى الموحد موجود منذ فترة طويلة، ولكن فى اجتماع وزراء الإعلام العرب الأخير وضعت له صيغة جديدة تواكب التغيرات التى طرأت على الإعلام الفضائى ومتغيراته، وقادت مصر العديد من الاقتراحات لوضع ضوابط الإعلام وافق عليها كل وزراء الإعلام العرب
ولكن الميثاق بشكله الجديد لم يفعل بشكل مباشر وحقيقى، ويشير العوضى، قائلا "لابد من وجود ميثاق شرف إعلام مفعل ينظم العلاقة بين الأقمار المختلفة الموجودة بالمنطقة حتى لا تتحول المنافسات إلى مضاربات وذلك من خلال قائمة موحدة بين هذه الأقمار تتضمن المحظورات والممنوعات المشتركة بين الدول العربية حتى لا نترك المجال أن يخترق مجالنا الفضائى أى قنوات تضر بأمننا وتبث الفتنة وسطنا".