يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبد الله سمك :
يجب عليك عن كل يمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، فإن لم تستطع فعليك صيام ثلاثة أيام ، ولمزيد بيان نوضح ما يلي :
1- الكفّارة في اللغة : مأخوذة من الكفر وهو السّتر ، لأنّها تغطّي الذّنب وتستره ، فهي اسم من كفّر اللّه عنه الذّنب ، أي محاه لأنّها تكفّر الذّنب ، وكأنّه غطّى عليه بالكفّارة .
وفي الاصطلاح هي : زواجر شرعها اللّه - عزّ وجلّ - للرّدع عن ارتكاب ما حظر وترك ما أمر ، حذراً من ألم العقوبة .
2- الكفّارة مشروعة باتّفاق الفقهاء وهي واجبة جبراً لبعض الذنوب والمخالفات الشّرعيّة .
ودليل ذلك الكتاب والسنّة والإجماع :
أمّا الكتاب : فقوله تعالى : { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ } .
وقوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً } .
وأمّا السنّة : فما ورد عن عبد الرّحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « لا تسأل الإمارة فإنّك إن أعطيتها من غير مسألةٍ أعنت عليها ، وإن أعطيتها عن مسألةٍ وكلت إليها ، وإذا حلفت على يمينٍ فرأيت غيرها خيراً منها فأت الّذي هو خير ، وكفّر عن يمينك » .
وأمّا الإجماع : فقد أجمع المسلمون من عصر الرّسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على مشروعيّة الكفّارة .
3- لا خلاف بين الفقهاء في أنّ كفّارة اليمين لا تجب إلا بالحنث فيه .
ولا خلاف بينهم في أنّ موجب الحنث هو المخالفة لما انعقدت عليه اليمين ، وذلك بفعل ما حلف على عدم فعله ، أو ترك ما حلف على فعله ، إذا علم أنّه قد تراخى عن فعل ما حلف على فعله ، إلى وقتٍ لا يمكنه فيه فعله .
ولا خلاف على وجوب الكفّارة بالحنث في اليمين المعقودة على أمرٍ في المستقبل ، نفياً كان أو إثباتًا .
كما لا خلاف بينهم على عدم وجوبها في اليمين اللّغو في الزّمن الماضي أو الحال ، نفياً كان أو إثباتًا .
وإنّما الخلاف بينهم في وجوبها في اليمين الغموس ، وهي المعقودة على أمرٍ في الماضي أو الحال كاذبة يتعمّد صاحبها ذلك .
وفي وجوبها في اليمين اللّغو في الزّمن المستقبل .
وفي تعدد الكفّارات بتعدد الأيمان ، وفي رفع الكفّارة الحنث .