هل يمكن أن نقول أن أزمة "مياه النيل" قد انفجرت فى وجوهنا بشكل مفاجئ؟؟ ..
بالطبع لا ..
فالازمات من هذا النوع تحتاج لسنوات طويلة قبل أن تنفجر ..
إنها أزمات من نوعية خاصة ..
والخوض فيها يصعب أن يكون لمجرد "جر الشكل" ..
ولكنها أزمات قد تسفر عن قطيعة أو حتى حروب ..
حينما يصل الامر الى تهديد دولة ما بالمساس بسريان الحياة لديها ..
كما هو حال النيل بالنسبة لمصر.
لم تكن قضية خروج مجموعة من دول المنبع على طاعة مصر بحكم انها الدولة الاكير .. مجرد خلاف فى وجهات النظر .. ولكنها وستثبت الايام ذلك .. مجرد صرخة سمراء لاعادة مصر الى الحضن الافريقى .. والانتباه الى فناءها الخلفى .. الاهم بكثير من قضايا وملفات اخرى تستنزف الطاقة السياسية المصرية.
يريد الأفارقة مزيد من الاهتمام .. قد أكبر من العطاء .. تريد أن تاخذ قبل أن تفكر ما الذى تعطيه .. فهى التى تحتاج .. وليس غيرها .. وبعدة مقاييس إقتصادية .. فمصر هى الطرف الأكثر قدرة على العطاء فى دول حوض النيل التسع .. فلديها من الخبرات ما تستطيع أن تمنحه للباقين فى كل المجالات.
لذلك وبعد أن تنتهى تلك الزوبعة حول مياه النيل وهو ما أتوقع أن يكون بحلول العام القادم على أقصى تقدير .. يجب على مصر أن تفكر فى عدد من الامور البسيطة التى ستترك أثرا كبيرا لدى الدول الأفريقية فى حوض النيل والتى بات لديها رأى عام مضاد لمصر .. رغم ما قدمته مصر فى أزمان سابقة للدول الأفريقية جميعا فى سنوات التحرر من الاستعمار.
* تستطيع مصر أن تتوقف مبدئيا عن قتل المتسللين الأفارقة الى اسرائيل، وحماية الحدود الاسرائيلية بالوكالة، ودفع فاتورة النصرية الصهيونية، بينما تتحول تلك الاخبار فى الاعلام المحلى لدول حوض النيل الى قصص وحكايات محزنة - على غرار تأثير مقتل الشاب المصرى فى لبنان على سبيل المثال فى المجتمع المصرى- وهو ما يصنع رأيا عاما ضد مصر فى تلك البلدان، بينما اسرائيل هى الحمل الوديع الذى "يبرطع فى الخير الأفريقى" ويضايق مصر التى تحمى حدوده .. ولا أعرف لماذا؟.
* تستطيع مصر أن تنظم دورة رياضية لكرة القدم تضم منتخبات أو أندية دول الحوض العشر فى بطولة صيفية تحت مسمى "بطولة وادى النيل" وتستضيفها سنويا متحملة نفقاتها التى يمكن تدبيرها من شركات الرعاية، ومنح حقوق بثها مجانا للدول المشاركة، وتسليط الضوء على نجوم الرياضة فى هذه الدول.
* يمكن لمصر أن تطلق حملات صحية ربع سنوية ممولة من المؤسسات الدولية لتقديم الرعاية الصحية للقرى الفقيرة فى تلك البلدان تحت رعاية حكوماتها المركزية، وسيكون لذا دور كبير أيضا.
* يمكن لمصر أن تهدى لتليفزيونات هذه الدول مجموعة كبيرة من الأفلام المصرية المترجمة للغة السواحيلية والانجليزية والفرنسية مجانا لعرضها فى التليفزيونات الحكومية بدول الحوض.
* تستطيع مصر أن تفتح عدد من المراكز الثقافية المصرية فى عواصم دول الحوض، وتقديم منح تفريغ لعدد محدود من المبدعين الأفارقة للدراسة وتقديم ابداعهم فى مصر.
* تستطيع مصر أن تتكفل ببناء ستاد لكرة القدم أو صالة مغطاة بإسمها فى كل دولة من دول حوض النيل.
* تستطيع مصر أن تمنح مميزات جمركية وضريبيبة لرجال الأعمال المصريين الذين يوجهون جزء من استثماراتهم لدول الحوض وتشجيعهم على دخول تلك الأسواق البكر.
* تستطيع مصر منح تلك الدول مرتبة الدول الأولى بالرعاية واعطاء الاستيراد منها أولوية أكبر، مثل استيراد اللحوم من أثيوبيا والشاى من كينيا والموز من أوغندا وجوز الهند من الكونغو بدلا من استيراده من أسواق مشتتة، وهو ما سيرفع ميزان التبادل التجارى.
* تستطيع مصر أن تقدم منح علمية للمتميزين من أبناء تلك الدول ورعايتهم علميا وإعادتهم الى بلادهم مرة أخرى.
* تستطيع مصر أن تفعل الكثير وأن تكسب تلك الدول ببساطة .. أما اسرائيل وما يقال أنها تفعله فلها شأن أخر.