صرح تركى عبد الله السديرى رئيس تحرير صحيفة الرياض السعودية "لليوم السابع"، أن استقبال السعودية لرئيس تونس المتنحى زين العابدين بن على يعتبر موقفاً إنسانياً فقط لما هو معروف عن المملكة، ولا يعنى ذلك الدفاع عن سياسات الرئيس التونسى بدليل تأييد الشعب السعودى لموقف الشعب التونسى وانتفاضته وكل ما أقدم عليه.
وقال السديرى، إن الرئيس التونسى لديه صلابة وعناد فى مواقف كثيرة وانعزال شبه تام عن القيادات العربية، وأبرز دليل على هذا إلغائه قمة عربية كانت ستعقد فى تونس منذ عدة سنوات بمجرد وصول الرؤساء العرب إلى تونس دون معرفة السبب.
وبسؤاله عما إذا كانت أحداث تونس الحالية من الممكن أن تنتقل
إلى باقى الدول العربية؟ قال السديرى إن المجتمعات العربية مع الأسف لا تعالج مشاكلها نتيجة وعى موحد لعمومية إدراك المجتمع، لكن تستفيد من الأزمات السياسية والبطالة وتدنى مستوى المعيشة ومن التجمعات، سواء كانت طائفية أو حزبية فى معالجة تلك المشاكل.
وقال السديرى، إن ما حدث فى تونس خلال الأيام الماضية هو شبه اعتراض عام على الوضع السياسى والاقتصادى فى تونس ولا أعتقد أن تكون هناك أيادٍ خفية وراء تلك الأحداث.
من جهة أخرى، قال جمال خاشجشى رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية "لليوم السابع"، إن الرئيس التونسى غير مرحب به داخل الأراضى السعودية، لأنه رجل دكتاتورى، ولكن لعل هذا فى مصلحة تونس، لأن زين العابدين عندما اضطر إلى اللجوء السياسى إلى السعودية سيحتدم هذا اقتضاءه بالأنظمة السعودية والتى تقتضيه بأن لا يوجد له أى نشاط سياسى أو أى اتصال بأفراد داخل تونس أو تحريك أموال.
كما أوضح السديرى، أن السعودية ليست لديها أية نية أو استعداد للوقوف بجانب الرئيس التونسى "بن على" فى حالة رفع دعاوى قضائية ضده، بل إنها ستقف بجانب الشعب التونسى فى كل انتفاضاته، ولو طلبت الحكومة الشرعية أى شىء له علاقة بالشعب التونسى من أموال أو غير ذلك ستقف المملكة بجانب الشعب التونسى دون تردد.
وأشار خاشجشى إلى أن زين العابدين ارتكب أخطاء طوال حكمه لتونس من ظلم وإلغاء للقوى السياسية، فكان بإمكانه أن يكون الرئيس الثانى المؤسس لتونس والديمقراطية داخلها، كما وعد شعبه سابقاً بنشر الديمقراطية والحرية، لكنه أضاع فرصة تاريخية، حيث كان بإمكان تونس أن تكون نجم دول شمال أفريقيا.
كان مصدر سعودى أعلن فجر اليوم، السبت، أن طائرة تقل الرئيس التونسى بن على، الذى فرّ من بلاده إثر انتفاضة شعبية، حطت فى مطار جدة غرب السعودية، ليكون ثانى رئيس للجمهورية التونسية على خطى سلفه الرئيس الأول للجمهورية الحبيب بورقيبة الذى كان لاجئاً فى السعودية نهاية الأربعينات الميلادية، غادرها إلى تونس قبل أن تلغى الملكية وتعلن الجمهورية ويتم اختياره رئيساً لها.
وقال المصدر لوكالة الأنباء الفرنسية طالباً عدم الكشف عن هويته إن "الطائرة التى تقل الرئيس بن على حطت فى جدة"، كما أكد مصدر ملاحى أن الرئيس التونسى نزل من الطائرة إلى صالون الشرف فى المطار.
وقبل أن تعلن السعودية ترحيبها بقدوم الرئيس التونسى وأسرته إلى المملكة، قدمت له لائحة شروط، وقالت مصادر سعودية إن الحكومة السعودية قدمت شروطها لبن على وهو لا يزال على متن طائرته، ومن بين الشروط التى فرضتها السعودية على بن على وعائلته أن يتجنّب أى تحرك سياسى خلال إقامته فى المملكة وعدم الإدلاء بحوارات صحفية أو ممارسة أى نشاطات سياسية أخرى، إضافة إلى عدم قيامه هو أو أفراد عائلته بتحريك الأموال إلى السعودية.
ورجحت المصادر، أن تكون الاستضافة أقرب إلى لجوء سياسى منح للرئيس التونسى، مع إشارة هذه المصادر إلى أنّ السعودية قد تطلق قريباً وساطة بين الفرقاء السياسيين فى تونس لتجاوز الأزمة التى تمر بها.
وتأكيداً لوصول بن على صدر عن الديوان الملكى السعودى بياناً أكد أنه "انطلاقاً من تقدير حكومة المملكة العربية السعودية للظروف الاستثنائية التى يمر بها الشعب التونسى الشقيق، وتمنياتها بأن يسود الأمن والاستقرار فى هذا الوطن العزيز على الأمتين العربية والإسلامية جمعاء، وتأييدها لكل إجراء يعود بالخير للشعب التونسى الشقيق، فقد رحبت حكومة السعودية بقدوم الرئيس زين العابدين بن على وأسرته إلى المملكة"، وأعلن البيان أن الحكومة السعودية تعلن "وقوفها التام إلى جانب الشعب التونسى الشقيق داعية إلى تكاتف كافة أبنائه لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخه".