ساعات وتنطلق الانتفاضة الفلسطينية الثالثة التى تواكب إحياء العرب لذكرى النكبة فى الـ 15 من مايو عام 1948، حيث قامت العصابات الصهيونية باغتصاب فلسطين ومنذ ذلك اليوم والصراع العربى الإسرائيلى مستمر لا يهدأ.. صراع على الوجود، ذاته تستخدم فيه كافة الآليات المتاحة من انتفاضات وعمليات عسكرية واغتيالات وتفجيرات وحرب ثقافية ضارية.
وفى عامنا هذا 2011 عام الثورات العربية التى بدأت بتونس ثم مصر وانتقلت إلى العديد من الدول العربية.. قرر الشباب المصرى والعربى من كل دولة أن تكون هناك نقطة تحول فى هذا الصراع، حيث تتوجه أنظار الثوار العرب مجتمعين إلى فلسطين، قاصدين الزحف إليها وتحريرها بعد أن انطلقت تلك الدعوات منذ عدة أسابع عبر مواقع التواصل الاجتماعى وموقع "الفيس بوك".
سلطات الاحتلال الإسرائيلى لم يهدأ لها بال منذ الإعلان عن موعد الانتفاضة، وأخذت قوات الجيش الإسرائيلى فى تكثيف تواجدها بجميع مناطق الضفة الغربية ومدينة القدس الشرقية المحتلة، لمواجهة أى مظاهرة تخرج من جانب الفلسطينيين المطالبين بتحرير أراضيهم من براثن اليهود.
رئيس الأركان الإسرائيلى "بنى جانتس" أصدر تعليماته إلى قادة تشكيلات الضفة الغربية، باتخاذ كافة الاستعدادات والتدابير الأمنية اللازمة، لمواجهة أى تصعيد محتمل من قبل الفلسطينيين خلال فعاليات إحياء ذكرى "النكبة"، وجاءت تعليماته خلال اجتماع طارئ عقده مساء أمس بقائد تشكيلة "عيوش" و قائد لواء "إفرايم" وعدد من قادة ألوية الجيش الإسرائيلى فى الضفة الغربية، وأجرى معهم عملية تقييم للوضع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.
وقال قائد لواء "إفرايم" ،آفى جيل، "نحن نستعد لاندلاع الانتفاضة الثالثة، وصدها بكل قوة ، فنحن نجرى تقييمات للوضع ونعد قواتنا لمواجهة الأحداث المختلفة التى قد تحدث خلال تلك الأيام".
وذكر موقع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى أنه بحسب تقديرات الجيش الإسرائيلى، فمن المتوقع أن تؤدى الفعاليات والمظاهرات التى ستجرى فى المناطق الفلسطينية إلى اندلاع مواجهات مع الجيش الإسرائيلى لا يحمد عقباها.
وفى السياق نفسه، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلى والقناة السابعة بالتلفزيون الإسرائيلى أن الجيش رفع حالة الاستنفار القصوى بالمنطقة الجنوبية المتاخمة للحدود المصرية – الإسرائيلية لمواجهة أى اختراق للحدود من جانب المصريين للزحف نحو فلسطين وتحريرها كما هو متفق عليه وفقا للخريطة التى وضعت عبر صفحة "الانتفاضة الفلسطينية الثالثة" على موقع الفيس البوك.
ونقل التلفزيون الإسرائيلى دعوة وزارة الداخلية المصرية وتحذيرها الصارم إلى المواطنين المصريين المؤيدين الفلسطينيين والقضية الفلسطينية فى مصر من مغبة الاقتراب من الحدود مع قطاع غزة اليوم الجمعة فى نطاق المظاهرات لإحياء "يوم النكبة".
وكانت قد أكدت الداخلية المصرية أن مثل هذه النشاطات تمس بمصلحة مصر العليا وتخلق مخاطر كبيرة وخاصة فى مثل هذه الفترة والتى تمر بها مصر بمرحلة حساسة جداً.
وعن الأوضاع داخل المدينة المقدسة "القدس المحتلة" فرضت الشرطة الإسرائيلية قيودا صارمة للغاية منذ صباح اليوم على دخول المسلمين إلى الحرم القدسى الشريف لأداء صلاة الجمعة، حيث لن يسمح بالدخول إلا للرجال فى سن الـ 45 فما فوق من حاملى بطاقات الهوية الزرقاء "عرب 48" .
وأوضحت الإذاعة العبرية أن تلك الإجراءات تتخذ ضمن استعدادات الشرطة لذكرى النكبة والتى توافق بعد غد الأحد، وتنتشر قوات معززة من الشرطة فى شرقى القدس المحتلة خاصة البلدة القديمة وفى المعابر بين الضفة الغربية والقدس، كما نصبت حواجز فى مداخل المدينة لعزلها تماما عن بقية المدن الفلسطينية.
ذلك الحصار الشامل الذى فرضته قوات الاحتلال على مدينة القدس منذ مساء أمس شمل أيضا نصب عشرات الحواجز العسكرية والشرطية فى مختلف الشوارع الرئيسية والفرعية بالقدس الشرقية وإغلاق محيط أسوار القدس، ونشر المئات من قوات الشرطة وحرس حدود الاحتلال ووحداته الخاصة، كما نصبت قوات الاحتلال المتاريس والحواجز الحديدية على بوابات البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
وكانت المؤسسات المقدسية والقوى الوطنية والإسلامية والعشائرية والحركة الإسلامية داخل أراضى عام 1948، دعت، فى اجتماع لها مساء امس بالقدس، المواطنين إلى أوسع مشاركة فى مسيرة كبرى فى ذكرى النكبة، غدا السبت، حيث ستنطلق من باحة باب العامود، أحد أشهر بوابات القدس القديمة، مخترقة شارعى السلطان سليمان وصلاح الدين، وصولا إلى المنازل الفلسطينية التى يتهددها خطر الإخلاء لصالح جماعات يهودية متطرفة بحى "الشيخ جراح" وسط القدس المحتلة.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن وزير الأمن العام الداخلى الإسرائيلى "متان فيلنائى" قوله إن الاعتقاد السائد لدى الدوائر الأمنية هو أن الفلسطينيين سيحاولون القيام باحتجاجات مدنيّة فى الأيام الثلاثة المقبلة على غرار ما جرى فى مصر وليبيا وذلك بمناسبة ذكرى النكبة.
وأضاف فيلنائى أن التهديد الحقيقى على إسرائيل يتمثل بمسيرات حاشدة قد يقوم بها الفلسطينيون، والشباب العربى من جميع الحدود للأراضى المحتلة، مؤكدا أنه سيتم بذل كل جهد مستطاع للتعامل معها ولو بالقوة.
وعلى الجانب الآخر، أكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح "عباس زكى" أن السلطة الفلسطينية لن تستطيع الوقوف فى وجه المظاهرات والفعاليات التى دعت إليها مجموعة من الشباب الفلسطينى عبر الـ "فيس بوك" تحت عنوان الانتفاضة الثالثة فى ذكرى النكبة الفلسطينية.
وأضاف زكى، خلال مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلى "كول صاهيل" مساء أمس الخميس:"لا تستطيع السلطة أن تسيطر أو أن تقف فى وجه شعبها وتمنعه من القيام بانتفاضة ثالثة خصوصاً أن الشعب الفلسطينى رأى الإنجازات التى حققتها الشعوب العربية المحيطة به من جراء الثورات".
وذكرت الإذاعة العسكرية أنه وبحسب تقديرات الجيش الإسرائيلى فإن المظاهرات لن تتجاوز نطاقها المناطق المصنفة بأنها مناطق (A) التابعة للسلطة الفلسطينية.
عن التنسيق الأمنى ومصير الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل فى ظل الحكومة الجديدة التى ستشارك بها حماس قال زكى: "بالطبع سنحترم جميع الاتفاقات مع إسرائيل فى حال وجدنا فيها الشريك الحقيقى".
وحول موضوع التنسيق الأمنى أجاب:"علينا أن نفكك الفصائل الفلسطينية وتشكيل جيش واحد موحد يضم فى صفوفه حركتى حماس وفتح ويكون خاضعاً للسلطة الفلسطينية كى لا تكون هنالك تنظيمات مسلحة معارضة".
واختتم زكى اللقاء بالتأكيد على ضرورة توحيد الجهود ضد العدو الإسرائيلى الذى يقوم بمصادرة الأراضى وقتل الأبرياء والأطفال من الشعب الفلسطينى.
وكانت قد اجتمعت اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة الـ 63 أمس بحضور ممثلين عن كافة القوى الوطنية والإسلامية، للتباحث بشأن الفعاليات التى تنوى تنظيمها بخصوص هذه المناسبة.
وقد ضم الاجتماع كلا من دياب اللوح، ممثلا عن حركة فتح، وخليل نوفل عن حماس، وحضر عن حركة الجهاد الشيخ خالد البطش منسق اللجنة، وذلك فى مقر حركة الجهاد الإسلامى بمدينة غزة.
وجرى التوافق خلال الاجتماع على تنظيم الفصائل لمسيرة مليونية تمتد من جنوب قطاع غزة حتى شماله، يتخللها مهرجانان أحدهما فى رفح قرب الحدود المصرية والآخر فى شمال القطاع.
وأكد القيادى فى حركة الجهاد ومنسق اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة الـ63 "خالد البطش" أن هذه الفعاليات الكبيرة ستكتسب أهمية خاصة كونها تأتى فى ظل توقيع الفصائل الفلسطينية على اتفاق المصالحة.
وأشار البطش إلى أنه تم التوافق على أن تكون الفعاليات موحدة وأن يرفع المشاركون بها العلم الفلسطيني،, تأكيدا من الجميع على خيار الوحدة الوطنية ومن أجل توجيه رسالة للاحتلال مفادها بأننا متمسكون بحقوقنا وثوابتنا الفلسطينية.