محمد المقريطى وسام الاندلس
عدد المساهمات : 17 تاريخ التسجيل : 16/05/2010
| موضوع: العرب والمسلمين في المناهج الأوربية الإسلام في كتب التاريخ في أسبانيا الأحد يوليو 03, 2011 7:09 pm | |
|
ما من شك أن هذا موضوع "الإسلام في كتب التاريخ" يعد من الموضوعات المهمة؛ لأنه يتعلق بدين سماوي يدين به ما يربو على مليار نسمة من سكان المعمورة، وإذا تصفحنا كتب التاريخ التي تدرس في مراحل التعليم المختلفة في أسبانيا لوجدنا اتجاهين متباينين:
أولهما أن هناك بعض الكتب عندما تتكلم عن الإسلام تعطي معلومات حقيقية وصادقة، بل نقرأ في بعض الأحيان ثناء على الإسلام وحضارته ودوره في التقدم الإنساني، وهو شيء يستحق الشكر.
وهناك على الجانب الآخر كتب تعطي معلومات غير صحيحة بل تسوق بعض الاتهامات التي تسبب في كثير من الأحيان شيئا من الغضب في نفس القارئ المسلم بل غير المسلم إذا اتصف بالحياد والموضوعية، ولا شك أن تلك المعلومات ناتجة عن أحكام مسبقة لا تؤدي إلى معرفة كاملة بحقيقة الإسلام ومبادئه السامية، وهي انسياق وراء من يروجون المعلومات غير الصحيحة ضد الإسلام ونبيه وأتباعه، وسنحاول من خلال الصفحات التالية تناول ما حوته بعض كتب التاريخ الأسبانية من معلومات غير دقيقة عن الإسلام والرد عليها بالتي هي أحسن.
وقبل أن ندخل إلى هذه النقطة نود أن نبين هنا حقيقة ذات أهمية بالغة، وهي أنه قد ساد في عالمنا في الأوقات الأخيرة مبدأ غريب وعجيب وهو الحكم على الدين – أي دين – من خلال تصرفات بعض أتباعه، وقد نال الإسلام النصيب الأكبر من هذا الأمر، وهذا يعد ظلما للدين ومبادئه، فليس من العدل أن يقاس الدين على سلوك الأفراد بل العكس هو الصحيح؛ لأن سلوك الأفراد هو الذي يقاس بالدين، وهذه القضية ربما كانت السبب الرئيس فيما يصدر عن الإسلام من أحكام باطلة واتهامات كاذبة ومعلومات خاطئة.
ونعود إلى قضيتنا الخاصة بتصحيح المعلومات التي وردت في كتب التاريخ في أسبانيا، وقد تناولت عدة قضايا هي: القرآن الكريم والجهاد ومفهوم الخليفة والمرأة قمنا بالرد عليها كما يلي:
القرآن الكريم:
تذكر كتب التاريخ في أسبانيا أن القرآن الكريم هو الكتاب المقدس عند المسلمين وهو الذي يحوي شريعة الإسلام ومبادئه وأخلاقه وقصص الأنبياء والأمم السابقة، ويحوي كذلك مبادئ العلاقات الاجتماعية والأسرية ومعلومات عن الدنيا والآخرة، وكل ذلك حق لا شك فيه، ولكن ما يدعو للعجب والدهشة هو الادعاء بأن القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ما نجده في كتاب العلوم الاجتماعية والتاريخ والجغرافيا للصف الثاني الثانوي، طبعة SM،صفحة 132 وصفحة 134 (انظر البحث)، ولن نسترسل في الرد على هذا الادعاء؛ لأن القرآن الكريم ما هو إلا متمم للكتب السابقة كالتوراة والإنجيل ومفصل لها، وتنزيل الله لأنبيائه جميعا إنما يخرج من مشكاة واحدة، ونبي الإسلام إنما هو حلقة متممة لسلسلة الأنبياء الكرام؛ فكثير من آيات القرآن الكريم تقرر أن القرآن الكريم هو كلمة الله، ولا سبيل لبشر أن يأتي بآية من مثله، فنقرأ على سبيل المثال في سورة الشعراء: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ}، وكثير أيضا من آيات القرآن تتحدى البشر جميعا أن يأتوا بمثل هذا القرآن بل بآية منه فنقرأ في سورة الإسراء قول الله تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}، بل إن الله تعالى ينفي تماما أن يتقول النبي شيئا من عنده فيقول في سورة الحاقة: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ . لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}.
الجهاد في الإسلام:
لا يستطيع أحد أن ينكر أن الجهاد من أسمى شرائع الإسلام وأنه رأس الأمر وعموده وذروة سنامه، ولكن لكي نفهم حقيقة الجهاد في الإسلام لا بد لنا أن نعرف معنى الجهاد والظروف التاريخية التي شرع من أجلها وسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما يتعلق بموضوع الجهاد، وبادئ ذي بدء لا بد من القول بأن قضية الجهاد واحدة من أكثر القضايا التي اتهم الإسلام بها زورا بأنه دين القتل والإرهاب، وساهمت بعض الدعاوى المناوئة لهذا الدين وبعض وسائل الإعلام في نشر المعلومات غير الصحيحة عن الجهاد في الإسلام، ونجد نماذج منها في كتب التاريخ في المرحلة الثانوية في أسبانيا؛ فعلى سبيل المثال يذكر كتاب التاريخ للفصل الأول من المرحلة الثانوية، طبعة Anaya \ لعام 2001 أن أعمدة الإسلام خمسة هي: الصلاة خمس مرات في اليوم، وصيام رمضان، وإيتاء الزكاة، والحج إلى مكة، وجهاد المشركين، ومثل ذلك مذكور في كتاب التاريخ طبعة SM المذكورة آنفا، ومما يؤسف له أن هذا ينم عن قصور شديد في العلم بالدين الإسلامي ومبادئه خاصة عند من يتصدون للكتابة عنه، وقد أوضحنا في البحث أسس الإسلام الخمسة كما وضحها النبي الكريم.
وللرد على الادعاء بأن الإسلام دين يحب الحرب ويكره السلام وأنه انتشر بالسيف كان لا بد لنا أن نسترسل قليلا لتوضيح حقيقة الجهاد في الإسلام وحثه على السلام والأمن، وتحدثنا في هذا الصدد عن ثلاث قضايا مهمة:
أولا: مكانة السلام في الإسلام، حيث أوضحنا أن السلام اسم من أسماء الله الحسنى بنص القرآن، وأن الإسلام والسلام مشتقان من أصل واحد، وأن الله سبحانه أمر المؤمنين جميعا بالدخول في السلم، وأوضحنا أن الإسلام جعل السلام اسما من أسماء الجنة وجعل تحية أهلها السلام وأمر المسلمين في هذه الدنيا بأن تكون تحيتهم السلام حتى مع أعدائهم كما جاء في سورة الفرقان، الآية 63.
ثانيا: قمنا بتوضيح طريق الدعوة في الإسلام، وبينا أن الإسلام لا يكره أحدا على اتباعه، حيث يقول تعالى في سورة البقرة (الآية 256){لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}، وبينا أن الدعوة لا بد أن تبنى بنص القرآن على الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالحسنى، وأن الإسلام كفل الحرية لجميع الخلق حتى في مسألة الإيمان بالله.
ثالثا: أما في موضوع الجهاد فقد أسهبنا في توضيح المقصود من الجهاد في الإسلام وأن قصر مصطلح الجهاد على الحرب المقدسة إنما هو فهم قاصر وخاطئ، وهذا المصطلح (الحرب المقدسة) إنما وضعه الغرب؛ لأنه لا توجد في الإسلام حرب مقدسة، بل هناك حرب مشروعة وغير مشروعة، والجهاد لا يقتصر على الدخول في الحرب بل يشمل كل عمل من شأنه رفع شأن الإسلام والأمة والإنسانية جمعاء، وأشرنا في هذا الصدد إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل جهاد النفس هو الجهاد الأكبر وجهاد الكافرين هو الجهاد الأصغر، وقد أوضحنا منهج الإسلام في الجهاد بمعنى القتال وأن الله أمر الرسول بالصبر على رفض الكفار لدعوته حتى لو تعرضوا له ببعض الأذى، ولم يشرع القتال إلا إذا تعرض المسلمون للهجوم من الأعداء فيشرع لهم آنذاك الدفاع عن أنفسهم دون اعتداء، وعلى المسلمين أن يتصفوا بالعدل ولو مع أعدائهم.
وختاما: فقد اتبعنا في قضية مفهوم الخليفة في الإسلام وقضية التصوير – وخاصة فيما يتعلق برسم صورة للرسول الكريم أو للملائكة المقربين – وقضية المرأة نفس المنهج المتبع فيما سبق للرد وتصحيح الأخطاء.
| |
|