قالت الكاتبة فاطمة المهدي
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأى الرشيد.. إنه كان فى إحدى البلاد البعيدة عصابة اسمها الفك المفترس، وكان رئيسها مفترى وكمان مختلس.
لم يكفيه أن حكم البلاد بقبضة من حديد، وأن نظام حكمه قد شيب الوليد، إنما كان يسرق من الشعب نقودهم، وكان يأكل قوت يومهم ويحبس شبابهم وشيوخهم، إذا هم عليه اعترضوا أو تفوهوا بكلمة أو امتعضوا.
وكان الشعب المسكين لا يجد ما يأكله سوى الفول المتين بدعوى أنه ملئ بالبروتين، وأنه أفضل حتى من التين حيث إن به كذلك فيتامينات، وإنه إذا أكله سيكبس على نفسه وينام من سكات.
كلام غير مباح
وتلك بالطبع خطة محكمة من العصابة المتحكمة حتى يخرسوا بها العباد، ويعيثوا فى الأرض الفساد.. فأكل الفول يشبع سريعا ويجعل من يأكله بكثره عقله مريعا، وبذلك يكونوا قد قضوا على عقول الناس وأخرسوهم وأغلقوا أفواههم بالترباس.
وفى يوم من الأيام كانت هناك امرأة تدعى أم همام، ذهبت إلى الفرن القريب لتشترى الخبز لولدها الحبيب، فوجدت طوابيرا من الرؤس السوداء تقف أمام الفرن فى تعب وشقاء والعرق يتصبب منهم والزحام قد أرهقهم فدهشت مما رأت، ومصمصت شفتاها واستعجبت وقالت بصوت مهموم: أبعد أن رضينا بأكل هذا الخبز المسموم الملئ بالحشرات والسموم وعن المسامير حدث ولا حرج، والزلط يا سيدى يحدث فى البطن هرج ومرج، بعد كل هذا وذاك نجد طوابيرا عليه تودى بنا للهلاك أترضى الله هذه الأفعال؟
أين ستذهبون من الله يوم الأهوال؟
ولم تجد أم همام بدا من أن تعانى تعبا وكدا، حتى تصل إلى الرغيف الثمين
الذى لا يكيل بالملايين.. فتلك أصبحت سلعة نادرة ولن يجديها إن كانت هادئة أم ثائرة، لأن النتيجة يا سيدى واحدة
فوقفت فى دورها صامدة تنتظر خمسة أرغفة قد أصبحت من الهواء مقددة، وهى تدعو على كل فاسد قد خرب مصرا ووضع نقود الشعب فى كرشه.. وأودع الباقى بنوك سويسرا.
وهنا أدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح