كانوا يتمنون أن يكون شهر رمضان مختلفا هذا العام لكن الكثير من الفلسطينيين الذين يجدون أنفسهم محبوسين في غزة خلال الشهر الكريم ينحون باللائمة على مصر التي تعهدت بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير شباط بتسهيل التحرك عبر الحدود المشتركة.
ويعكس هذا الاستياء شكاوى الكثير من المصريين من آفاق الإصلاح في ظل حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد، ويبدو أنه ليس في عجلة من أمره لتغيير سياسات مبارك تجاه الفلسطينيين والتي لم تحظ بشعبية.
ودعم مبارك الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المرتبطة فكريا بحركة الإخوان المسلمين في مصر والتي كانت محظورة في ظل النظام القديم وباتت حاليا قوة معترفا بها على الساحة السياسية.
وأعلنت مصر "فتح" معبر رفح امام المسافرين في مايو الماضي. لكن أبناء غزة شهدوا بسرعة تحطم أحلامهم بالسفر بلا قيود. لا تزال الحصص والمعايير الصارمة التي تحكم من يسمح لهم بالعبور قائمة ويقول الكثير من الفلسطينيين إن مصر ما زالت تنظر اليهم على أنهم مصدر تهديد محتمل لأمنها.
وقال الكاتب الفلسطيني مصطفى اللداوي
"لا شيء تغير في المعاملة المصرية لسكان قطاع غزة فما زال الفلسطينيون يحتجزون في قبو مظلم ضيق قذر في مطار القاهرة الدولي يخلو من أبسط شروط الاحتجاز الانسانية" منتقدا بشدة "العقلية العسكرية" المصرية.
وبموجب التوجيهات الإرشادية الجديدة لدخول مصر فإن النساء والقصر والرجال فوق سن الأربعين لا يحتاجون الى تأشيرات للدخول من غزة.
لكن المصريين ما زالوا يدرجون بعض الفلسطينيين على قائمة سوداء بوصفهم مصادر "تهديد للأمن القومي" وتجعل الإجراءات المتراكمة المصاحبة من المستحيل التخطيط للسفر مسبقا على سبيل المثال خلال شهر رمضان الذي يحل قريبا.
شكاوى هنا ومرارة هناك
وبعد شكاوى من مسؤولي حماس بمن فيهم اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس في غزة نصح صحفي مصري كبير بالتحلي بالصبر.
وقال اشرف ابو الهول كبير مراسلي صحيفة الأهرام والخبير في الشؤون الفلسطينية
"قائمة الممنوعين ما زالت بحاجة لوقت ليتم فلترتها (فرزها). الأوضاع الأمنية في شمال سيناء سيئة وما زالت الطرق التي يسلكها الفلسطينيون في طريقهم الى القاهرة من خلال سيناء غير مستقرة."
وقال ابو الهول
إنه كان هناك نقص في عدد العاملين بمعبر رفح بسبب انسحاب رجال أمن مصريين خلال الاحتجاجات المناهضة للنظام التي اندلعت في القاهرة في يناير.
"ربما لم يتحقق ما كان مأمولا به من حيث الداخلين والخارجين عبر المعبر وأصبح هناك نوع من المرارة تجاه حماس لأنها لم تقدر اضطراب الأوضاع الأمنية في مصر."
وحاول مبارك موازنة وضع مصر بوصفها الدولة الأولى بين قلة من الدول العربية التي أبرمت اتفاق سلام مع اسرائيل من خلال محاولة الوساطة في المصالحة بين حركة حماس وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس والتي كانت مهيمنة فيما سبق.
وفي ما اعتبره الكثير من المصريين مؤشرا على أن القاهرة بعد سقوط مبارك بدأت تخفف شروطها على حركة حماس وقعت حركتا فتح وحماس اتفاق مصالحة في مايو الماضي. وأبرز رد فعل اسرائيل الغاضب على توقيع الاتفاق الشعور بأن هذا يخدم المصالح الفلسطينية.
لكن تنفيذ الاتفاق متعثر بسبب الخلافات بين فتح وحماس على صيغة اقتسام السلطة المقترح بينهما.
وقال ابو الهول
"الأزمة هي شأن فلسطيني داخلي ومصر قررت أنها لن تتدخل لمحاولة فرض أي شيء على أي من الطرفين وبالتالي على الطرفين أن يتفقا فيما بينهما."
وأبدى مصطفى الصواف الوكيل المساعد لوزير الثقافة في حكومة حماس بغزة أمله في أن يشعر الفلسطينيون بالرضا تجاه السياسات المصرية في نهاية الأمر مضيفا
"ما زالت هناك آمال معلقة... الثورة ما زالت في بداياتها. أنا متفاءل".