تواصل قوات الرئيس السوري بشار الأسد، لليوم الخامس على التوالي، هجماتها الضارية على عدد من الضباط المنشقين عن الجيش الرافضين لإطلاق النار على المدنيين في مدينة الرستن (شمال دمشق)، في في أول مواجهة مسلحة طويلة بين الجانبين، فيما قال ضابط رفيع منشق إن أكثر من 10 آلاف جندي انشقوا، ويهاجمون الشرطة التي تجبر الناس على الولاء للأسد.
وهاجمت قوات الأسد بدعم من طائرات الهليكوبتر والدبابات وسط الرستن التي تعد منطقة لتجنيد الجنود السنة الذين يشكلون عماد الجيش السوري الذي يقوده ضباط ينتمون إلى الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، بحسب ما نشرته وكالة أنباء "رويترز" السبت 1-10-2011.
كما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 11 مواطنا سوريا بريف حماة خلال مواجهات وقعت الجمعة بين الجيش السوري من جهة وعناصر منشقة من جهة أخرى، كما قتل ثمانية مدنيين في محافظة حمص خلال عمليات اقتحام استهدفت أحياء عدة من المدينة.
وقال ناشطون محليون إن عمليات المنشقين في الرستن، وهي بلدة يقطنها 40 ألف شخص وتقع على مسافة 180 كيلومترا شمالي دمشق، تجري تحت قيادة الملازم عبد الرحمن الشيخ الذي ينتمي الى حركة الضباط الأحرار التي تحالفت مع الجيش السوري الحر (منشق أيضا عن قوات الأسد) الأسبوع الماضي.
والنشطاء هم من ينشرون أخبار ما يجري على الأرض للإعلام عبر الهاتف والإنترنت؛ لأن السلطات تمنع التغطية الإعلامية إلا عن الإعلام الحكومي.
وقال العقيد رياض الأسعد، قائد "الجيش السوري الحر" لـ"رويترز" عبر الهاتف من مكان غير معلوم إن الهجمات التي تتبنى نمط حرب العصابات تركز على المخابرات الحربية ومخابرات القوات الجوية، وهي الشرطة السرية داخل صفوف الجيش التي تعمل على ضمان عدم حدوث تمرد في الجيش.
وأضاف الأسعد أن هذه الشرطة السرية لها دور كبير خلف خطوط الجيش وفي نقاط التفتيش على الطرق؛ حيث تطلق النار على الجنود الذين يعصون الأوامر.
وبحسب العقيد المنشق فإن "الضباط الأحرار" أداءهم تحسن بشكل واضح الأسبوع الماضي، غير أنهم يستهدفون الشرطة ولا يشتبكون مع الجيش للمساعدة في حشد التأييد لقضيتهم.
وفيما يخص الجيش السوري عموما قال الأسعد إن معنويات الجيش السوري منخفضة، والانشقاقات تتزايد في أنحاء سوريا، لكن جنودا كثيرين لا يتركون الجيش؛ خوفا من أن يقتلهم النظام أو يقتل عائلاتهم.
وقال إن هدف "الجيش السوري الحر" هو حماية المظاهرات السلمية، وإسقاط النظام، مشيرا إلى أن أكثر من عشرة آلاف جندي انشقوا عن الجيش، وأن نحو 70 من القوات المنشقة والمدنيين قتلوا في الهجوم على الرستن منذ يوم الثلاثاء، مقدرا الخسائر بين القوات المهاجمة بالمئات.
وما زال الجيش والأجهزة الأمنية تحت السيطرة شبه الكاملة للأسد، لكن المنشقين عن الجيش شكلوا وحدة باسم الجيش السوري الحر تحت قيادة الأسعد وهو ضابط بالقوات الجوية عمره 50 عاما من أدلب قرب الحدود مع تركيا.
وأحجم الأسعد عن تقدير المدة التي يمكن أن يظل الأسد متمسكا فيها بالسلطة، لكنه قال إن التأييد الدولي للمنشقين ولو في السر في الوقت الحالي سيساعد في إسقاط النظام بسرعة كبيرة.
وفي لهجة تحذيرية قال منشق آخر- لم تورد الوكالة اسمه- في محافظة أدلب شمال غربي الرستن إن المنشقين في البلدة يستخدمون أساليب حرب العصابات ضد القوات الموالية للأسد والمسلحة جيدا..يخطئ الأسد إذا اعتقد أنه يستطيع إنهاء الهجوم سريعا.. الأرض الزراعية تجعل من الصعب على الجيش النظامي إغلاق المنطقة.
"جماعات إرهابية"
وعلى الجانب الحكومي ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن سبعة من قوات الجيش والشرطة قتلوا في عملية ضد من وصفتهم بالإرهابيين في الرستن وأصيب 32 اخرون. وأن قوات الجيش تمكنت من إنزال خسائر كبيرة في صفوف المجموعات الإرهابية المسلحة."
وتقول الحكومة السورية إن أكثر من 700 من الجنود وأفراد الأمن قتلوا في الاحتجاجات الشعبية التي تحمل الحكومة مسئوليتها إلى جماعات مسلحة مدعومة من قوى أجنبية.
وأضافت أن مسلحين قتلوا ثلاثة مدنيين، وأصابوا عددا من أفراد قوات الأمن في محافظة حماة، كما لقي ثلاثة من قوات حفظ النظام حتفهم في كمين نصب لهم قرب تلكلخ على الحدود مع لبنان.
وأبلغ ناشطون عن وقوع هجمات على حواجز على الطرق للجيش في بلدة تلبيسة المجاورة، وقالوا إن الاشتباكات تواصلت في الرستن؛ مما دفع إلى إطلاق صيحات التحدي خلال مظاهرات شهدت مشاركة عشرات الآلاف من الأشخاص في مسيرات مناهضة للأسد.
وحمل محتجون في محافظة أدلب الشمالية لافتات تصف الرستن بأنها معقل الأحرار، وتندد بالأسد، كما ردد متظاهرون شعارات تطالب بالحرية وتنتقد الأسد في حمص.
والأسد من أفراد الطائفة العلوية التي تمثل الأقلية في سوريا ولكنها في ذات الوقت تهيمن على الجيش والأجهزة الأمنية وهيكل السلطة في الدولة التي أغلب سكانها من السنة، والبالغ عددهم 20 مليون نسمة.
ومع تزايد واستمرار المسيرات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام بدا أن الضغوط الخارجية على الأسد تتزايد كذلك؛ حيث فرضت القوى الغربية عقوبات على صادرات النفط السورية؛ مما أجبر حكومة الأسد على وقف الواردات لحماية احتياطاتها من النقد الأجنبي، وزيادة تأثير الضغوط الاقتصادية بعد انهيار عائدات السياحة وركود التجارة.
وتدهورت العلاقات بين دمشق وواشطن بصورة أكبر يوم الخميس عندما رشق أنصار الأسد موكب السفير الأمريكي روبرت فورد بالحجارة والطماطم أثناء زيارته لشخصية معارضة في دمشق.
وتقول الأمم المتحدة إن 2700 شخص قتلوا في الحملة الأمنية الصارمة التي تشنها قوات الأمن السورية لإخماد احتجاجات معظمها سلمي.