هدّدت إسرائيل أمس بالانسحاب من التحقيق الذي تجريه الأمم المتحدة في
هجومها على أسطول المساعدات الإنسانية إلى غزة لمنع هذه اللجنة من استجواب
جنودها.
من جهته، أكد وزير الدفاع إيهود باراك في إفادته أمام لجنة تحقيق
إسرائيلية مكلفة النظر في الجوانب القانونية للهجوم، أن إرسال ''أسطول
الحرية'' يشكل ''استفزازاً مخططاً له''.
وكان الهجوم الإسرائيلي الذي أسفر عن مقتل تسعة مدنيين أتراك مؤيدين
للفلسطينيين قد أثار استياءً دولياً، وأرغم إسرائيل على تخفيف إجراءات
الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة.
وأصر رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أدلى بشهادته أمس الأول أمام اللجنة
الإسرائيلية للتحقيق في الهجوم، على وجود اتفاق ''سري'' يستبعد استجواب
العسكريين في التحقيق على الرغم من نفي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي
مون ذلك.
وقال نير حيفيتز الناطق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إن بنيامين
نتنياهو ''قال بوضوح أن إسرائيل لن تتعاون مع لجنة أو تشارك في لجنة يمكن
أن تطلب استجواب جنودها''.
وأضاف الناطق ''قبل أن توافق إسرائيل على مشاركتها في هذه اللجنة تأكدنا
خلال مفاوضات مكثفة في الكواليس من أن مهمتها ستكون عادلة ومسؤولة ولا تمس
المصالح الحيوية والأمنية لدولة إسرائيل''. لكن بان كي مون نفى وجود اتفاق
يستبعد إمكانية أن تستجوب اللجنة التي بدأت أعمالها أمس، أفراد الوحدات
العسكرية الإسرائيلية.
وقال بان في مؤتمر صحافي: إنه ''لم يتم إبرام اتفاق من هذا النوع في
الكواليس''. وأكد ''ثقته الكاملة'' بلجنة بالمر التي قال إنها ''ستقرر
الخطوات الضرورية للتعاون مع السلطات الوطنية''.
وقالت إسرائيل: ''إنها ستنشر نتائج التحقيق العسكري الداخلي الذي رأى أن
أخطاء ''على مستوى عال نسبيا'' ارتكبت، لكن إطلاق النار كان مبررا.
وأكد نتنياهو في إفادته أمام لجنة تحقيق إسرائيلية أمس الأول أن إسرائيل
تحركت ''طبقا للقانون الدولي'' في الهجوم على أسطول المساعدات الذي كان
متوجها إلى قطاع غزة.
وقال: ''إنني مقتنع بأنه سيتبين في نهاية تحقيقكم أن دولة إسرائيل
والجيش الإسرائيلي تحركا طبقا للقانون الدولي، أثق بمقاتلي الجيش
الإسرائيلي، ودولة إسرائيل برمتها فخورة'' بجنودها.
من جهته أعلن وزير الجيش الإسرائيلي إيهود باراك، أمس، أنه يتحمل
المسؤولية كاملة عن الأحداث التي رافقت اعتراض البحرية الإسرائيلية قافلة
سفن أسطول الحرية التي كانت متجهة إلى قطاع غزة المحاصر نهاية مايو الماضي.
وقال باراك خلال إفادته أمام اللجنة الإسرائيلية لتقصي حقائق هذه الأحداث،
أمس: إنه ''يأخذ على عاتقه المسؤولية الكاملة عما يجري في الجيش وعن
التعليمات التي أصدرها المستوى العسكري خلال الحادث''. ونقلت الإذاعة
الإسرائيلية العامة عن باراك قوله: إن ''قرار اعتراض قافلة السفن الدولية
الذي اتخذه المنتدى الوزاري السباعي الإسرائيلي (الكابنيت) قد اعتمد بعد
إمعان دقيق''.
ورأى إيهود باراك أن إرسال أسطول المساعدات إلى غزة الذي هاجمه أفراد
وحدة إسرائيلية يشكل ''استفزازاً مخططاً له''. وقال باراك: ''إن هذا
الأسطول الذي أرسل في 31 أيار (مايو) يشكل استفزازاً مخططاً له''، مؤكدا أن
''إسرائيل تأسف لفقدان أرواح بشرية لكن الحصيلة لكانت أكبر لو تصرفنا بشكل
مختلف''. وأضاف وزير الدفاع ''جرت مناقشة بدائل مختلفة خلال اجتماع
(الوزراء) آخذين في الحسبان إمكانية أن يحاول ناشطون منع القوات من النزول
على السفينة وأن تتجاوزهم الأحداث ويضطروا لإطلاق النار''.
وتؤكد إسرائيل أن القيود على الحدود والحصار البحري المفروضين منذ أسر
الجندي جلعاد شاليط في حزيران (يونيو) 2006 ضرورية لمنع (حماس) من الحصول
على صواريخ وأسلحة أخرى.
وتم تعزيز هذه الإجراءات المدعومة من مصر بعد سيطرة (حماس) على السلطة في حزيران (يونيو) 2007.
وأدى الهجوم إلى أزمة دبلوماسية بين إسرائيل وتركيا ودعوات إلى إجراء
تحقيق، ما دفع حكومة نتنياهو إلى تشكيل لجنة تيركل للنظر في قانونية
العملية.
وصلاحيات هذه اللجنة التي بدأت الإثنين الماضي جلساتها لدراسة الجوانب
القانونية للهجوم، محدودة وهي تقضي بتحديد مدى تطابق الحصار البحري الذي
تفرضه إسرائيل على غزة والهجوم الإسرائيلي على أسطول المساعدات، مع القانون
الدولي.
وانتقد نتنياهو الحكومة التركية ومنظمي حملة ''أسطول الحرية'' لرفضهم
إنزال المساعدة الإنسانية في مرفأ خارج قطاع غزة. وقال إن ''الحكومة
التركية لم تأخذ في الحسبان على ما يبدو أن احتكاكات يمكن أن تحدث بين
الناشطين الأتراك (على السفن) وجنودنا وأن تضر بمصالحها، وتبرر تدخلا فاعلا
لدى منظمي الأسطول''.
كما أكد أن ''رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان) التقى في 17 أيار
(مايو) الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد والرئيس البرازيلي (لويس إيناسيو
لولا دا سيلفا) من أجل إعلان مشترك حول الملف النووي الإيراني يتناقض مع
الموقف الأمريكي وموقف الأعضاء الآخرين في الأمم المتحدة''. ومن المقرر أن
يدلي رئيس الأركان الجنرال غابي أشكينازي بشهادته اليوم.