إلى الواهمين.. شعب مصر مش فاضى يقوم بثورات

كل من اعتقد، ولو للحظة، أن مؤشر انفجار الكبت داخل نفوس المصريين بدأ فى
التحرك، وأن لحظة انفلات الزمام وعموم الفوضى فى مصر قد حانت تزامناً مع
قيام بعض من المصريين لا يتعدى عددهم مجموع أصابع اليدين بمحاولات إضرام
النار فى أنفسهم، كما فعل محمد بوعزيزى التونسى، فهو غير مُحق فى اعتقاده!!
وأُحب أن أُطمئنه بأن هذا التحرك المزعوم لم ولن يبدأ أبداً فى مصر بإذن
الله، وأن هذا الانفلات الموهوم، وهذه الفوضى غير المسئولة ما هما إلا
مُجرد تهيؤات، ومُجرد أمان لبعض ممن يكرهون مصر ومن مُستهدفى الاستقرار
فيها، وذلك لأن جميع مُبررات ثورة الشعب التونسى لا نملك منها شيئا، فلا
رئيسنا فاسد كرئيسهم، ولا زوجة سيادته وعائلتها فاسدة كزوجة رئيسهم
وعائلتها.

ولا ما نتمتع به فى مصر من حريات إعلام وتعبير ورأى وعقيدة هُم به
يتمتعون!! وإن كُنا نطمع فى المزيد منها، ونأمل فى تحقيق تداول السُلطة،
فلا بأس فدستورنا وقوانيننا يُحققان ذلك !!

كما أن حجم الفقر لدينا ونوعيته أقل بكثير مما هو لديهم،
ناهيك عن أن مصر تدعم فقراءها بخلاف فقراء تونس الذين طحنتهم تنفيذ تعليمات
البنك الدولى وصندوقه، ولم يقف رئيسهم ولا حكوماتهم وقفة رئيسنا وحكوماتنا
الجادة معهما!!
كما أن نسبة البطالة لدينا هى نصف نفس النسبة لديهم!! ... إلخ .. إلخ .. إلخ...

وعلى العموم، أُحب أن أُنبه هؤلاء المُعتقدين إلى أن شعب مصر لم ولن ينفجر
أبداً، وذلك لأنه، وباختصار شديد، (مش فاضى ) للقيام بهذه الثورة.

فغالبية منه مشغولة الآن بتركيب التكييفات فى مساكنها للحماية من برد
الشتاء وحرارة الصيف، أو فى تصليح مكيفات سيارته لنفس الأسباب، وهُم على
تكلفة هذا التركيب أو ذاك لقادرون!!

وغالبية ثانية منه مشغولة الآن بالتجهيز لرحلات نصف العام، فضلاً عن
الاستعدادات والتجهيزات اللازمة من الآن للصيف القادم سواء فى مصايف
الفقراء، أو مصايف الأغنياء، ناهينا عن المشغولين منهم بالحجز بمصايف أوربا
وأمريكا وبعض من آسيا، وهُم أيضًا على تكلفة هذا أو ذاك لقادرون!!

وغالبية ثالثة مشغولة بالاستعدادات اللازمة لشراء سيارة جديدة أو تغيير القديمة بسيارة أحدث!!

ورابعة مشغولة ببناء منازلهم التى حصلوا عليها سواء من مشروع مبارك للإسكان
أو مشروع ابنى بيتك أو بيت العائلة، أو ببناء وحداتهم الخاصة بالمدن
الجديدة فى مختلف المحافظات.

وخامسة مشغولة بالتعبير عن آرائهم بكتابة المقالات أو التعليق بالتعليقات
عبر مئات الصُحف وآلاف مواقع الإنترنت التى حُرم أشقاؤنا التونسيون من مجرد
الاطلاع عليها!!

هذا- غير الأغلبية المشغولة منهم بالتجهيز لأفراح أنجالهم فى فنادق الخمسة
والأربعة والثلاثة نجوم، وغير المشغولين منهم بأرصدتهم فى البنوك التى
جاوزت التريليون جنيه!! وكيفية تنميتها وفق مناخ الاستثمار المُتاح لدينا،
والحمد لله فى شتى المجالات!!

وغير المشغولين منهم بأسهم البورصة صعودا وهبوطاً انتظاراً لربح مأمول،
وعلى فكرة، فإن عدد هؤلاء من المستثمرين المصريين يُعدون بالملايين..إلخ..
إلخ.. من هذه الانشغالات.

كل ذلك، يؤكد أن المُعتقدين فى مصر بأن الشعب المصرى سيسعى بطريقة الشعب
التونسى إلى تغيير النظام الحاكم الذى جعل شعب مصر مشغولا بكل ذلك هُم من
الواهمين، ويؤكد كذلك أن شعب مصر (مش فاضى) يقوم بثورة من هذا النوع!!