وفاءعبده موجة شرفيه
عدد المساهمات : 492 تاريخ التسجيل : 04/05/2010
| موضوع: اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة ) الأحد يونيو 13, 2010 1:40 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
حذر الشارع من الظلم ونهى عنه أشدّ النهى,فقال(اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة ) وفى الحديث القدسى قال الله عز وجل( ياعبادى انى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) والظلم له صور كثيرة فى واقع الناس, وعاقبته وخيمة فى الدنيا والآخرة
الظلم في القران الكريم
قال تعالى: (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) (سورةالكهف:59)،
وقال سبحانه: (وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين) (سورةالزخرف:76)،
وقال تعالى: (والله لا يحب الظالمين (سورة آل عمران:57)،
وقال تعالى (ولا يظلم ربُك أحدًا) (سورة الكهف:49)،
وقال تعالى (وما ربك بظلام للعبيد} (سورة فصلت:46)،
وقال تعالى (ألا إن الظالمين في عذاب مقيم) (سورة الشورى:45)
قوله تعالى: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون فى الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم} (سورة الشورى:42)
الظلم في السنة وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم (إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: (وكذلك أخذربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) (رواه البخاري ومسلم)
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لأبي سلمة بن عبد الرحمن، وكان بينهوبين الناس خصومة: يا أبا سلمة اجتنب الأرض ، فإن النبي صلى الله عليهوسلم قال: (من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين) (رواه البخاري ومسلم)
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لاتكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكنوَطِّنُوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا) (رواه الترمذي)
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم: (لا تُقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم كفل ـ نصيب ـ من دمها،لأنه كان أول من سنَّ القتل) (رواه البخاري ومسلم)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لاتحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخوالمسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا ـ ويشير إلى صدرهثلاث مرات ـ، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم علىالمسلم حرام، دمه وماله وعرضه) (رواه مسلم)
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال)أتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة،واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوامحارمهم)(رواه مسلم)
ففي حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم( اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً فإنه ليس دونها حجاب)
أقوال السلف في الظلم
قال عمر رضي الله عنه(واتقِ دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مستجابة)
وقال عليٌّ رضي الله عنه(إنما أهلك من كان قبلكم أنهم منعوا الحق حتىاستشرى، وبسطوا الجور حتى افتدى)
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه (يوم المظلوم على الظالم أشد من يومالظالم على المظلوم)
وكان معاوية رضي الله عنه يقول( إني لأستحي أن أظلممن لا يجد علي ناصرًا إلا الله)
وقال ابن مسعود رضي الله عنه (لما كشف العذاب عن قوم يونس عليه السلام ترادوا المظالم بينهم، حتى كان الرجل ليقلع الحجر من أساسه فيرده إلى صاحبه)
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه ( إياك ودمعة اليتيم، ودعوة المظلوم، فإنها تسري بالليل والناس نيام)
وقال يوسف بن أسباط (من دعا لظالم بالبقاء، فقد أحب أن يُعْصَى الله في أرضه)
وقال مجاهد( المعلم إذا لم يعدل بين الصبيان كتب من الظلمة)
وقيل ( لو أن الجنة وهي دار البقاء أسست على حجر من الظلم، لأوشك أن تخرب)
وقال بعض الحكماء(اذكر عند الظلم عدل الله فيك، وعند القدرة قدرة الله عليك، لا يعجبك رَحْبُ الذراعين سفَّاكُ الدماء، فإن له قاتلاً لا يموت)
وكان يزيد بن حاتم يقول(ما هِبْتُ شيئًا قط هيبتي من رجل ظلمته، وأناأعلم أن لا ناصر له إلا الله، فيقول: حسبي الله، الله بيني وبينك)
وبكى عليٌّ بن الفضيل يومًا،( فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي على من ظلمني إذا وقف غدًا بين يدي الله تعالى ولم تكن له حجة.)
ونادى رجل سليمان بن عبد الملك وهو على المنبر (يا سليمان اذكر يومالأذان، فنزل سليمان من على المنبر، ودعا بالرجل، فقال له: ما يوم الأذان؟فقال: قال الله تعالى (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) (سورةالأعراف:44)
ومر رجل برجل قد صلبه الحجاج، فقال( يا رب إن حلمك على الظالمين قد أضربالمظلومين، فنام تلك الليلة، فرأى في منامه أن القيامة قد قامت، وكأنه قددخل الجنة، فرأى ذلك المصلوب في أعلى عليين، وإذا منادٍ ينادي، حلمي علىالظالمين أحلَّ المظلومين في أعلى عليين)
وقيل(من سَلَبَ نعمةَ غيرِه سَلَبَ نعمتَه غيرُه)
وقيل (أظلم الناس من ظلم لغيره)؛ أي لمصلحة غيره.
وقال ابن الجوزي ( الظلم يشتمل على معصيتين: أخذ مال الغير، ومبارزة الرب بالمخالفة، والمعصية فيه أشد من غيرها، لأنه لا يقع غالبًا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب، ولو استناربنور الهدى لاعتبر)
وقال ابن تيمية(إن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبةالعدل كريمة)
تعريف الظلم والظلم: هو وضع الشيء في غير محله باتفاق أئمة اللغة.
أضرار الظلم وعواقبه:
1- الظلم ظلمات يوم القيامة:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الظلم ظلمات يوم القيامة). أخرجه البخاري ومسلم
قال القاضي عياض: "قيل: ظاهره أنه ظلمات على صاحبه حتى لا يهتدي يوم القيامة سبيلاً حيث يسعى نور المؤمنين بين أيديهم وبأيمانهم. وقد تكون الظلمات هنا الشدائد، وقد تكون الظلمات ها هنا عبارة عن الاتكال بالعقوبات عليه، وقابل بهذه اللفظة قوله: (الظلم) لمجانسة الكلام".
وقال ابن الجوزي: (وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب، لو استنار بنور الهدى لاعتبر، فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئاً).
2- الظلم سبب هلاك الأمم:
قال تعالى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ)(يونس:13)
قال ابن سعدي: "يخبر تعالى أنه أهلك الأمم الماضية بظلمهم وكفرهم، بعدما جاءتهم البينات على أيدي الرسل تبين الحق فلم ينقادوا لها ولم يؤمنوا، فأحل بهم عقابه الذي لا يرد عن كل مجرم متجرئ على محارم الله، وهذه سننه في جميع الأمم".
3- قبول دعوة المظلوم على الظالم:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن (واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) أخرجه البخاري ومسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده). أخرجه أحمد والترمذي
4- إملاء الله للظالم حتى يأخذه:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته) ثم قرأ: (وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ) (هود:102)
قال القرطبي (يملي يطيل في مدّته، ويصحّ بدنه، ويكثر ماله وولده ليكثر ظلمُه، كما قال تعالى( إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً) [آل عمران:128]، وهذا كما فعل الله بالظلمة من الأمم السالفة والقرون الخالية، حتى إذا عمّ ظلمهم وتكامل جرمهم أخذهم الله أخذة رابية، فلا ترى لهم من باقية، وذلك سنة الله في كلّ جبار عنيد )
5-حرمان الفلاح
:قال تعالى(إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ)(الأنعام:21)
قال ابن سعدي: "فكلّ ظالم وإن تمتّع في الدنيا بما تمتّع به فنهايته فيه الاضمحلال والتلف"
6- حرمان الهداية والتوفيق
قال تعالى ( إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ)(القصص:50).
وطلب هداية التوفيق من الأدعية التي أوجبها الله علينا في أعظم مقام نقف فيه بين يدي الله عز وجل، وهو في الصلاة، حيث نقول في كل ركعة( ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ). فالظلم ـ أعاذنا الله منه ـ يكون سبباً لحرمان هداية التوفيق، وهذا يستلزم البعد عن مقامات الظلم حتى يستجيب الله دعاءنا في صلاتنا.
7- حرمان حبّ الله تعالى
قال تعالى(إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ)(الشورى:40).
قال ابن سعدي: "أي: الذين يجنون على غيرهم ابتداء، أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته، فالزيادة ظلم".
8- اللعن للظالمين
قال تعالى: (أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ)( هود:18).
قال ميمون بن مهران: إن الرجل يقرأ القرآن وهو يلعن نفسه، قيل له: وكيف يلعن نفسه؟! قال: يقول( أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ) وهو ظالم.
9- حلول المصائب في الدنيا والعذاب في القبر:
قال تعالى(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ)(الطور:47)
قال ابن سعدي: لما ذكر الله عذاب الظالمين في القيامة أخبر أن لهم عذاباً دون عذاب يوم القيامة، وذلك شامل لعذاب الدنيا بالقتل والسبي والإخراج من الديار، ولعذاب البرزخ والقبر.
10- العذاب الأليم:
قال تعالى( إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )(الشورى:42)
قال ابن سعدي: "أي: إنما تتوجه الحجة بالعقوبة الشرعية (عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ) وهذا شامل للظلم والبغي على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، (أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي: موجع للقلوب والأبدان، بحسب ظلمهم وبغيهم".
11-خذلان الظالم عند الله تعالى:
قال تعالى (مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ)(غافر:18)
قال ابن عثيمين: أي أنه يوم القيامة لا يجد الظالم حميماً، أي: صديقاً ينجيه من عذاب الله، ولا يجد شفيعاً يشفع له فيطاع، لأنه منبوذ بظلمه وغشمه وعدوانه
وقال تعالى(وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَار)( البقرة:270)
قال ابن عثيمين: يعني: لا يجدون أنصاراً ينصرونهم ويخرجونهم من عذاب الله سبحانه
12- حال الظالمين في الآخرة:
قال تعالى ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأبْصَـٰرُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء)(إبراهيم:42، 43).
قال ابن كثير: "يقول الله تعالى ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ)يا محمد (غَـٰفِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ) أي: لا تسحبنه إذا أنظرهم وأجّلهم أنه غافلٌ عنهم مهمِل لهم لا يعاقبهم على صنعهم، بل هو يحصِي ذلك عليهم ويعدّه عليهم عداً، (إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأبْصَـٰرُ) أي: من شدّة الأهوال يوم القيامة. ثم ذكر تعالى كيفية قيامهم من قبورهم وعجلتهم إلى قيام المحشر فقال: (مُهْطِعِينَ) أي: مسرعين، (مُقْنِعِى رُءوسِهِمْ) قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: رافعي رؤوسهم، (لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) أي: أبصارهم ظاهرة شاخصة مديمون النظر لا يطرفون لحظة لكثرة ما هم فيه من الهول والفكرة والمخافة لما يحلّ بهم، عياذاً بالله من ذلك، ولهذا قال( وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء) أي: وقلوبهم خاوية خالية ليس فيها شيء لكثرة الوجل والخوف
أنواع الظلم النوع الأول: ظلم الإنسان لربه، وذلك بكفره بالله تعالى، قال تعالى )وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُون )(البقرة:254) ويكون بالشرك في عبادته وذلك بصرف بعض عبادته لغيره سبحانه وتعالى، قال عز وجل(إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(لقمان:13(
النوع الثاني: ظلم الإنسان نفسه، وذلك باتباع الشهوات وإهمال الواجبات،وتلويث نفسه بآثار أنواع الذنوب والجرائم والسيئات، من معاصي لله ورسوله. قال تعالى (وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(النحل:33)
النوع الثالث: ظلم الإنسان لغيره من عباد الله ومخلوقاته، وذلك بأكل أموالالناس بالباطل، وظلمهم بالضرب والشتم والتعدي والاستطالة على الضعفاء،والظلم يقع غالباً بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار.
وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل ثَلاَثَةٌ دِيوَانٌ لاَ يَعْبَأُ الله بِهِ شَيْئاً وَدِيوَانٌ لاَ يَتْرُكُ الله منه شَيْئاً وَدِيوَانٌ لاَ يَغْفِرُهُ الله فَأَمَّا الدِّيوَانُ الذي لاَ يَغْفِرُهُ الله فَالشِّرْكُ بِاللَّهِ قال الله عز وجل إنه من يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ الله عليه الْجَنَّةَ وَأَمَّا الدِّيوَانُ الذي لاَ يَعْبَأُ الله بِهِ شَيْئاً فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ من صَوْمِ يَوْمٍ تَرَكَهُ أو صَلاَةٍ تَرَكَهَا فإن اللَّهَ عز وجل يَغْفِرُ ذلك وَيَتَجَاوَزُ إن شَاءَ وَأَمَّا الدِّيوَانُ الذي لاَ يَتْرُكُ الله منه شَيْئاً فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً الْقِصَاصُ لاَ مَحَالَةَ ) (رواه الإمام أحمد)
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : (فالظلم ثلاثة أنواع فالظلم الذي هو شرك لا شفاعة فيه , وظلم الناس بعضهم بعضا لابد فيه من إعطاء المظلوم حقه لا يسقط حق المظلوم لا بشفاعة ولا غيرها ولكن قد يعطى المظلوم من الظالم كما قد يغفر لظالم نفسه بالشفاعة فالظالم المطلق ما له من شفيع مطاع وأما الموحد فلم يكن ظالما مطلقا بل هو موحد مع ظلمه لنفسه وهذا إنما نفعه في الحقيقة إخلاصه لله فبه صار من أهل الشفاعة )
من أسـبـاب الظـلم: الشيطان
قال تعالى(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولاتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) (سورة البقرة:208)، وقال( استحوذعليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) (سورة المجادلة:19(.
النفس الأمارة بالسوء
قال تعالى (إن النفس لأمارة بالسوء) (سورة يوسف:53(
الهوى
قال تعالى: (فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا) (سورة النساء:135)،وقال سبحانه(وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هيالمأوى) (سورة النازعات:40-41)، وقال جلَّ وعلا(ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه) (سورة الكهف:28
أسباب تعين على ترك الظلم وتعالجه: 1 ـ تذكر تنزهه عزَّ وجلَّ عن الظلم
قال تعالى(من عمل صالحا فلنفسه ومنأساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) (سورة فصلت:46) ، وقال(وما الله يريد ظلماللعالمين) (سورة آل عمران(8
2ـ النظر في سوء عاقبة الظالمين
قال تعالى(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) (سورةمريم:71-72) وقال تعالى (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون) (سورة الأنعام:47(
3 ـ عدم اليأس من رحمة الله
قال تعالى(إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (سورة يوسف7)وعن صفوان بن محرز قال: قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما: كيف سمعت رسولالله صلى الله عليه وسلم في النجوى؟ قال: سمعته يقول(يدنو المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع عليه كنفه، فيقرره بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أي رب أعرف، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم،فيعطى صحيفة حسناته، وأما الكافر والمنافق فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على الله) (رواه مسلم)
4 ـ استحضار مشهد فصل القضاء يوم القيامة
قال تعالى(وأشرقت الأرض بنورربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمونووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون) (سورة الزمر:68-70(
5 ـ الذكر والاستغفار
قال تعالى(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلمواأنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصرواعلى ما فعلوا وهم يعلمون) (سورة آل عمران:135(
6 ـ كف النفس عن الظلم ورد الحقوق لأصحابها
فالتوبة النصوح أن يندمالإنسان بالقلب ويقلع بالجوارح، وأن يستغفر باللسان، ويسعى في إعطاء كل ذيحق حقه، فمن كانت لأخيه عنده مظلمة، من مال أو عرض، فليتحلل منه اليوم،قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إلا الحسنات والسيئات، كما صح بذلك الخبر.
لمن أراد التوبة
فما دمت في وقت المهلة فباب التوبة مفتوح، قال صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسطيده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها)(رواه مسلم وفي رواية للترمذي وحسنه) إن الله عز وجل يقبلتوبة العبد ما لم يغرغر
تقبل التوبة بأربعة شروط
1-الإقلاع عن الذنب.
2- الندم على ما فات.
3-العزم على أن لا يعود.
4-إرجاع الحقوق إلى أهلها من مال أو غيره.
وكثير ممن وقع فى شيئ من هذا الظلم يتأول تصرفاته ويسوّغ لنفسه هذا التعامل
والواجب على المسلم أن يحاسب نفسه ويقف معها فى ختام كل ليلة , ويتأمل تعاملاته مع أقاربه وجيرانه وزملاءه
ويجب أن يعلم المسلم أن حبه لأحد لايقتضى الغلو والمبالغة فيه وعدم نصحه كما أن بغضه أو عدم ارتياحه لأحد لا يسوّغ له ظلمه , أو التعدى عليه أو ترك ما يجب له من التكريم والصله وهذا هو العدل الذى قامت به السموات والأرض وأمر به الشرع
والمتأمل فى كثير من حالات العقوق والقطيعة والأختلاف , يجد أن السبب الأكبر فى وقوعها هو حصول الظلم ابتداءٍِ واستمراره على المظلوم , والسكوت على ذلك, وعدم معالجة الموضوع حتى عظم وحصل مالم تحمد عقباه
أن كل من شارك الظالم فى ظلمه بسكوته أو تأييده معنوياً فهو مؤ آخذ شرعاً وتناله المسؤولية وكان الواجب عليه أن ينصر المظلوم, وينصح الظالم كما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)ولايعذر أحد بترك النصيحة, ومما يندى له الجبين أننا فقدنا الناصح فى كثير من أحوالنا الا من وفقه الله لذلك
وكثر فينا النممامون والمغتابون والساعون فى قطع حبال الوصال والأخوة
عليه أن كثيرين يوجهون الخطاب فقط للمظلوم ويوصونه بالصبر والرفق ولكنهم يغفلون عن توجيه الخطاب أولاً للظالم وزجره ونهيه , وكفّه وتهديده عن الوقوع فى الظلم مما يضع الأمر فى نصابه ويهوّن على المظلوم مصابه
فتذكر قول الله عز وجل(وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء) (ابراهيم:43،42)
وتذكر الموت وسكرته وشدته ، والقبر وظلمته وضيقه ، والميزان ودقته ، والصراط وزلته ، والحشر وأحواله ، والنشر وأهواله .
تذكر إذا نزل بك ملك الموت ليقبض روحك ، وإذا أنزلت في القبر مع عملك وحدك ، وإذا استدعاك للحساب ربك ، وإذا طال يوم القيامة وقوفك.
وتذكر قول الرسول صلى الله عليه و سلم( لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ) (رواه مسلم)
والاقتصاص يكون يوم القيامة بأخذ حسنات الظالم وطرح سيئات المظلوم فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله من اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ) (رواه البخاري)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( أتدرون ما المفلس "قالوا: " المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ) فقال صلى الله عليه و سلم (إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه ، أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ، ثم طرح في النار) (رواه مسلم)
فاحذروا من الظلم، والغش، والتعدي على حقوق الآخرين؛ وأعلم أنه لن تزول قدماك يوم القيامة حتى يقتص منك، فإن دعتك قدرتك اليوم وسطوتك على ظلم الآخرين فتذكر قدرة الله عليك يوم القيامة،
والله أسأل أن يجنبنا وجميع إخواننا المسلمين الظلم، وأن يوفقنا للعدل والإنصاف، في الشدة والرخاء، والرضا والغضب، وأن يصلح الرعاة والرعية، وأن يؤمن المسلمين في أوطانهم، وأن لا يسلط عليهم عدواً من غير أنفسهم، وأن يقيهم شر أنفسهم، و صلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
محاضرات عن الظلم | |
|