يقال : أن مجموعة من النحاة كانوا يجتمعون في ضيعة يتدارسون فيها قضايا النحو في القرآن الكريم
وذات يوم وقفوا عند مسألة هي : إسناد الضمائر إلى الفعل (وقى) إلى الضمائر
وقد ورد في الآية الكريمة ((يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم واهليكم ))
فمرة يسندون الفعل إلى ألف الاثنين ، ومرة إلى ياء المخاطبة ، ومرة إلى نون النسوة وهكذا
وفي كل مرة يلفظون الفعل مع ما اسندوا إليه من الضمائر
فكانت : قيا ، وقوا ، وقن ، وقي
فسمعهم المزارع الذي يعمل في الضيعة
فقال لهم : لعنكم الله اتقرءون القرآن بلغة الدجاج
تعدّد الزوجات مستهجن منذ القديم . و في تراثنا عدد لا بأس به من النّوادر التي تنفّر من تعدّد
الزوجات . من ذلك :
1) ما ورد في كتاب " الأمالي "لأبي علي القالي ( المتوفّي سنة 967 م )
حدّث الأصمعي قال : " تزوّج أعرابيّ امرأتين فندم . فأنشأ يقول :
تزوّجت اثنتين ؛ لفرط جهلي ... بما يشقى به زوج اثنتيْن
فقُلتُ أصير ُ بينهما خروفا ... أنعَّمُ بين أكرم نعجتيْن
فصرْتُ كنعجة تُضحي و تُمسي ... تداوَلُ بين أخبث ذئبتين
... و ألقى في المعيشة كلَّ ضَرّ ... كذاك الضُّرُّ بين الضَّــرَّتيْن
... فإن أحبَبْتَ أن تبقى كريما ... من الخيرات مملوء اليديْـن
فعشْ عَـزَبا ، فإن لم تستطعه ... فضربا في عراض الجحفلين "
( عراض الجحفلين : عراض : مصدر عارض الجحفل : اعترض الجيش و تعرّض له ، و المعنى
المقصود هو تعرّضْ لجيش العدوّ كي تستشهدَ فتستريحَ )
***
2) ما ورد في كتاب " نثْر الدّرّ" للوزير منصور بنُ الحسين الآبي ( المتوفّي سنة 422 هــ )
- تزوّج رجل بامرأتين عجوز و شابّة ، فجعلت الشّابة كلّما رأت في لحيته طاقة (1) بيضاء نتفتْها،
و العجوز كلّما رأت طاقة سوداء نتفتْها ، فما زالا به كذلك حتّى صيّراه أمرد أصلع .
( 1 - طاقة : شعرة )
في قديم الزمان
حيث لم يكن على الأرض بشر بعد
كانت الفضائل والرذائل .. تطوف العالم معاً:
الحب.الحنان.العشق.الشر.الكره.الحزن.الفرح...إلخ
وتشعر بالملل الشديد
ذات يوم... وكحلّ لمشكلة الملل المستعصية
اقترح الإبداع لعبة وأسماها الاستغماية أو الغميضة
أحب الجميع الفكرة
وصرخ الجنون: أريد أن أبدأ.. أريد أن أبدأ
أنا من سيغمض عينيه.. ويبدأ العدّ
وأنتم عليكم مباشرة الاختفاء
ثم اتكأ بمرفقيه على شجرة.. وبدأ
واحد... اثنين.... ثلاثة....
وبدأت الفضائل والرذائل بالاختباء
وجدت الرقة مكاناً لها فوق القمر
وأخفت الخيانة نفسها في كومة وردالة
واختبأ الولع بين الغيوم
ومضى الشوق الى باطن الأرض
الكذب قال بصوت عال:
سأخفي نفسي تحت الحجارة
ثم توجّه لقعر البحيرة
واستمر الجنون بالعدّ:
تسعة وسبعون... ثمانون.... واحد وثمانون..
خلال ذلك أتمت كل الفضائل والرذائل تخفيها
ماعدا الحب...
كعادته...
لم يكن صاحب قرار...
وبالتالي لم يقرّر أين يختفي
وهذا غير مفاجيء لأحد
فنحن نعلم كم هو صعب إخفاء الحب
تابع الجنون:
خمسة وتسعون .... سبعة وتسعون.....
وعندما وصل الجنون في تعداده الى: مائة
قفز الحب وسط مجموعة من الورد واختفى بداخلها
فتح الجنون عينيه وبدأ البحث صائحاً:
أنا آت اليكم .... أنا آت اليكم.....
كان الوردةل أول من انكشف
لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه
ثم ظهرت الرقّة المختفية في القمر
وبعدها خرج الكذب من قاع البحيرة مقطوع النفس
وأشار إلى الشوق لكي يرجعه من باطن الأرض
وجدهم الجنون جميعاً .. واحداً بعد الآخر
ماعدا الحب...
كاد أن يُصاب بالإحباط واليأس في بحثه عن الحب
حين اقترب منه الحسد
همس في أذنه :
الحب مختفي في شجيرة الورد
التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح
وبدأ يطعن شجيرة الورد
بشكل طائش
ولم يتوقف إلا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب
ظهر الحب .. وهو يحجب عينيه بيديه
والدم يقطر من بين أصابعه
صاح الجنون نادماً: يا الهي ماذا فعلت؟
ماذا أفعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك البصر؟
أجابه الحب: لن تستطيع إعادة النظر لي
لكن لازال هناك ما تستطيع فعله لأجلي:
كن دليلي
*^*^*^*^*^*^*^*^*
وهذا ما حصل من يومها:
أصبح الحب الأعمى .... يقوده الجنون!!!!!