يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبد الله سمك : ليس حراما ، والاكتحال غير مكروه
عند الحنفيّة والشّافعيّة ، بل أجازوه ، ونصّوا على أنّه لا يفطر به الصّائم ولو
وجد طعمه في حلقه ، قال النّوويّ : لأنّ العين ليست بجوف ، ولا منفذ منها إلى
الحلق.
واحتجّوا بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : « اكتحل رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم وهو صائم » ، وحديث أنس رضي الله تعالى عنه قال : « جاء رجل إلى
النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : اشتكت عيني ، أفأكتحل وأنا صائم ؟ قال : نعم »
.
وتردّد المالكيّة في الاكتحال ، فقالوا : إن كان لا يتحلّل منه شيء لم يفطر ،
وإن تحلّل منه شيء أفطر. وقال أبو مصعب : لا يفطر. ومنعه ابن القاسم مطلقاً.
وقال أبو الحسن : إن تحقّق أنّه يصل إلى حلقه ، لم يكن له أن يفعله ، وإن شكّ
كره ، ولْيَتَمَادَ - أي يستمرّ في صومه - وعليه القضاء ، فإن علم أنّه لا يصل ،
فلا شيء عليه. وقال مالك في المدوّنة : إذا دخل حلقه ، وعلم أنّه قد وصل الكحل إلى
حلقه ، فعليه القضاء ولا كفّارة عليه. وإن تحقّق عدم وصوله للحلق لا شيء عليه ،
كاكتحاله ليلاً وهبوطه نهاراً للحلق ، لا شيء عليه في شيء من ذلك.
وهذا أيضاً مذهب الحنابلة ، فقد قالوا : إذا اكتحل بما يصل إلى حلقه ويتحقّق
الوصول إليه فسد صومه ، وهذا الصّحيح من المذهب.
واستدلّوا بأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « أمر بالإثمد المروّح عند النّوم
، وقال : ليتّقه الصّائم » ولأنّ العين منفذ ، لكنّه غير معتاد ، وكالواصل من
الأنف.
واختار الشّيخ تقيّ الدّين أنّه لا يفطر بذلك.