ما تعرضت له حافلة النادى الأهلى بالجزائر من رشق بالحجارة، أثناء ذهابها
للتدريبات فى استاد أول نوفمبر، مجرد حادث فردى عابر لجمهور متعصب هنا أو
هناك، انتهى باعتذار الجانب الجزائرى.. فلا تجعلوا منه فرصة لعودة أبواق
التحريض الإعلامى وجنرالات الفضائيات للتسخين والتهييج وإعادة الأمور إلى
ماقبل التهدئة والمصالحة بين الشقيقتين مصر والجزائر.
لقد كان تعامل قيادات الناديين المتنافسين على مستوى الحادث، وأسهمت
العقلانية فى تصريحات الجانبين، فى معالجة الموقف بحكمة وعدم تركه للإعلام
للتهويل وإشعال الفتنة بين الجماهير فى البلدين.
الكابتن حسن حمدى رئيس مجلس إدارة النادى الأهلى المعروف بخبرته فى إدارة
الأزمات، لم يترك الفرصة للقيل والقال من هنا وهناك أو الاصطياد فى المياه
العكرة للتصعيد، بل أشاد بالعلاقة الطيبة والتعاون الكبير الذى وجده الأهلى
منذ حضوره إلى الجزائر. وهو ما رأيناه جميعا وشاهدناه بأعيننا على الهواء.
فلم تكن المؤشرات الأولية قبل حادث مساء السبت توحى بروح عدائية أو مؤامرة، بل على العكس تماما ونتيجة جهود القيادتين فى البلدين.
فقد شهدت بعثة النادى الأهلى استقبالا حافلا فى مطار هوارى بومدين الدولى،
وأحاطت الورود باللاعبين المصريين خاصة الكابتن محمد أبو تريكة الذى يحظى
باحترام المشجعين فى البلدين.
وفى رسالة واضحة لجمهور الفريقين كان رأس مستقبلى البعثة المصرية محمد
مشرارة نائب رئيس اتحاد الكرة الجزائرى ورئيس الرابطة الوطنية، ومحند شريف
حناشى رئيس نادى شبيبة القبائل، والسفير عبد العزيز سيف النصر سفير مصر لدى
الجزائر وعدد من المشجعين فى البلدين.
وكان الأمن الجزائرى على قدر كبير من المسئولية وهو يعلم أنها مباراة هامة
فى الجولة الثالثة من مباريات المجموعة الثانية بدور المجموعات لبطولة دورى
أبطال أفريقيا، فضلا عن تخوفات المسئولين الجزائريين من روح التعصب الكروى
ولذلك أحاطت بعثة النادى الأهلى بحراسة شديدة.
كما كان الإعلام الجزائرى والمصرى يتعاملان بروح طيبة على أنها مباراة كرة
قدم لمدة 90 دقيقة فقط لا تساوى شيئا فى تضحيات الشعبين المصرى والجزائرى
واختلاط دمائهما فى حروب التحرير والاستقلال، مستفيدا من درس أم درمان.
كانت التدريبات تتم فى سرية وهدوء بعيدا عن إعلام البلدين، حتى جرت واقعة
السبت، فحاول بعض الإعلاميين استغلالها لولا حكمة رئيسى الناديين الأهلى
والشبيبة الذى حضر هو ونائبه للاعتذار للفريق المصرى والتبرؤ ممن قام بهذا
العمل . وهو أمر نريد أن يتكرر فى كل مباراة أو لقاء بين البلدين الشقيقين.
فالعلاقات بين الشعوب لا تقاس ب 90 دقيقة هى كل عمر أى مباراة قد تنتهى
بالفوز أو الإخفاق، فالكرة هازم ومهزوم وغالب ومغلوب وأفراح فى الانتصارات
ودموع فى الانكسارات .. أما العلاقات بين مصر والجزائر فقد سطرتها دماء
واحدة ومصير مشترك.