ما الذى منع سيدنا إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) من أن يدعو على الملك النمرود بعد ما نجا من محاولة حرقه حياً؟ ما الذى منع سيدنا موسى (عليه السلام) من أن يدعو على بنى إسرائيل يوم أن عبدوا العجل؟ وما الذى منع السيد المسيح (عليه السلام) من أن يدعو على أقوام أهانوه ورفضوه وطاردوه .. وما الذى منع سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من أن يدعو على قوم عذبوه وقاتلوه وخانوه ... وأخيراً ما الذى يمنع الخالق القادر القاهر فوق عباده من أن يخسف بهم الأرض إذا ما أخطأوا وأذنبوا، بل إنهم كفروا وأشركوا وأنكروا عليه الألوهية؟ هذا السؤال قد يتردد فى قلب الزمان وعقل الأيام .. هذا السؤال قد يكون أبعد من أن تجد له المخلوقات إجابة .. ولكن من يحمل فى ذاته روح الله ، من يحمل فى قلبه الأمر الإلهى "كن فيكون" يقدر على الإجابة؛ الإنسان هو القادر على التفكير وإيجاد الإجابة، وبالرغم من الشرك والكفر وضعف الإيمان، فالبشر يشتركون فى النفحة الإلهية .. ومنها ينبع التميز عن باقى المخلوقات، ومنها ينبع الحب من الأعماق .. وقد أعلنها على مسئوليتى الشخصية .. الإجابة هى الحب.
لقد أحب أولو العزم من الأنبياء أقوامهم فصبروا عليهم، أحب الله تعالى العباد فصبر عليهم ، ونحن عباد الله تعالى بكل عيوبنا ومحاسننا .. بكل خطايانا وصلاحنا .. نحن عباد الله المستخلفين فى الأرض شئنا أم أبينا، وكلمة السر التى رحم الله بها الخلائق كانت الحب .. وعلينا أن نسير على درب الإله الأوحد .. الحب.
أحب ذاتك حتى تستطيع أن تكتشفها وتعلم قوتها وضعفها، أحب الناس وأظهر لهم هذا فيحبونك .. أحب الفتاة التى وجدتها إن لم تجد الفتاة التى تحبها .. أحب العمل الذى تقوم بها إن لم تعمل ما تحب .. أحب وطنك الذى يحملك على أرضه حتى وإن لم تكن ترضى عن طريقة حمله لك .. أحب والديك وإن أهانوك وأغضبوك وتحاملوا عليك .. أحب حياتك كما هى بكل أحداثها حلوها ومرها .. أحب أحلامك وطموحاتك فيها حتى ولو لم تتحقق ، واعلم أنك لن تحقق إلا ما أراده الله لك ، ولا قدرة لمخلوق على قدرة الخالق ...
أحب الله تعالى لأنه أدرى بك منك ويعلم عنك ما لم ولن تعلمه عن نفسك ، وفوق هذا فهو يحبك ... فكيف لمن يحبك ويعرفك أكثر منك أن يضيعك؟ اطمئن .. وابتسم فإن الله لن يضيعنا ...