يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبدالله سمك:
لا تجب فيه الزكاة، وللمزيد نقول:
اتّفق الفقهاء على وجوب الزّكاة في الحلي المستعمل استعمالاً محرّماً ، كأن يتّخذ الرّجل حلي الذّهب للاستعمال ، لأنّه عدل به عن أصله بفعل غير مباح فسقط حكم فعله وهو صياغته صياغةً محرّمةً ، وبقي على حكم الأصل من وجوب الزّكاة فيه. كما اتّفقوا على وجوبها في الحلي المكنوز المقتنى الّذي لم يقصد به مقتنيه استعمالاً محرماً ولا مكروهاً ولا مباحاً ، لأنّه مرصد للنّماء فصار كغير المصوغ ، ولا يخرج عن التّنمية
إلاّ بالصّياغة المباحة ونيّة اللّبس.
واختلفوا في الحلي المستعمل استعمالاً مباحاً كحلي الذّهب للمرأة وخاتم الفضّة للرّجل.
فذهب المالكيّة والحنابلة والشّافعيّ في القديم وأحد القولين في الجديد وهو المفتى به في المذهب إلى عدم وجوب الزّكاة في الحلي المباح المستعمل.
وروي هذا القول عن ابن عمر وجابر وعائشة وابن عبّاس وأنس بن مالك وأسماء - رضي الله عنهم - والقاسم والشّعبيّ وقتادة ومحمّد بن عليّ وعمرة وأبي عبيد وإسحاق وأبي ثور.
واستدلّوا بما ورد من آثار عن عائشة وابن عمر وأسماء وجابر رضي الله عنهم ، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها كانت تلي بنات أخيها في حجرها لهنّ الحليّ فلا تخرج منه الزّكاة.
وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّه كان يحلّي بناته وجواريه الذّهب ثمّ لا يخرج من حليّهنّ الزّكاة.
وروي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنّها كانت تحلّي ثيابها الذّهب ، ولا تزكّيه نحوًا من خمسين ألفاً.
وروي أنّ رجلاً سأل جابراً رضي الله عنه عن الحلي أفيه زكاة ؟ فقال جابر لا ، فقال : وإن كان يبلغ ألف دينار فقال جابر كثير.
والمأثور عن عائشة رضي الله عنها يخالف ما روته عن الرّسول صلى الله عليه وسلم فيحمل على أنّها لم تخالفه إلاّ فيما علمته منسوخاً ، فإنّها
زوجه وأعلم النّاس به ، وكذلك ابن عمر فإنّ أخته حفصة كانت زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وحكم حليّها لا يخفى عليه ولا يخفى عنها حكمه فيه.
كما استدلّوا بقياس الحلي المباح على ثياب البدن والأثاث وعوامل البقر في أنّها مرصدة في استعمال مباح فسقط وجوب الزّكاة فيها.
وذهب الحنفيّة والشّافعيّ في القول الآخر في الجديد إلى وجوب الزّكاة في الحلي المباح المستعمل ، وهو مرويّ عن عمر بن الخطّاب وابن عمر ، وابن عبّاس ، وعبد اللّه بن عمرو بن العاص ، وأبي موسى الأشعريّ ، وسعيد بن جبير وعطاء ، وطاوس ، وابن مهران ومجاهد ، وجابر بن زيد ، وعمر بن عبد العزيز ، والزّهريّ ، وابن حبيب.
واستدلّوا بحديث عبد اللّه بن عمرو « أنّ امرأةً أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها : أتعطين زكاة هذا ؟ قالت : لا.
قال : أيسرّك أن يسوّرك اللّه بهما سوارين من نار ؟ قال : فخلعتهما فألقتهما إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقالت : هما للّه ورسوله».
كما استدلّوا بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل عليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق ، فقال : ما هذا يا عائشة ، فقلت : صنعتهنّ أتزيّن لك يا رسول اللّه. قال : أتؤتين زكاتهنّ ؟ قلت : لا ، أو ما شاء اللّه قال : هذا حسبك من النّار).
والحلي مال نام ودليل النّماء الإعداد للتّجارة خلقةً.