توقع خبراء العلاقات الدولية أن تنتقل الانتفاضة الشعبية فى تونس التى أطاحت بالرئيس زين العابدين بن على إلى دول الجوار مثل المغرب والجزائر ودول أخرى، فى ظل انتشار الفساد وغياب الحكم الرشيد.
وأشار الخبراء إلى نجاح ثورة الإنترنت والمدونات والمواقع التونسية والفيس بوك فى تعميق الشعور بالاحتجاج لدى الشعب التونسى عبر نشر الأخبار والصور والفيديوهات لمشاهد الاحتجاجات وقمع الشرطة للمتظاهرين وإطلاق الرصاص الحى عليهم، وهو ما كان ينشر على الفور على الإنترنت.
فمن جانبه يؤكد الدكتور عبد المعز أحمد نجم، أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس، أن ما يجرى فى تونس حاليا هو نتيجة طبيعية للكبت الذى يعانى منه الشعب التونسى الهادئ بطبعه، لكن الانفجار تولد نتيجة انعدام الديمقراطية وتطويق للحريات وارتفاع نسبة البطالة، وشيوع حكم العائلة وانتشار الفساد والمحسوبية. مضيفا أن هناك توقعات بانتقال ما حدث فى تونس الخضراء إلى دول أخرى مثل الجزائر والمغرب وغيرهما فى ظل انسداد الأفق السياسى وغياب التنمية الحقيقية وعدم محاسبة الفاسدين.
وعن إعلان رئيس الوزراء التونسى محمد الغنوشى تولى مهام الرئاسة، أوضح د. نجم أن هذا ظرف طارق تمر به تونس حاليا ولا بد من وجود رئيس يستطيع تهدئة الصراعات والانتفاضات التى أعلنها الشعب التونسى خلال الفترة القليلة الماضية، حيث إنه من الصعب أن تعيش البلد فى حالة فراغ سياسى ودستورى وبدون سلطة حاكمة، خاصة بعد تنحى الرئيس زين العابدين بن على عن الحكم.
من جهة أخرى، قالت الدكتورة أمانى مسعود، أستاذة العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن العنف أحيانا يظهر الشعوب، خاصة إذا كان شعبا غير معروف عنه بالثورات مثل الشعب التونسى.
وأوضحت د. أمانى أنه عندما تبدأ الأحداث التونسية بهذا الشكل من مظاهرات احتجاجية بسبب البطالة وارتفاع الأسعار وتنتهى بتغيير السلطة فهذا دليل واضح على ضعف السلطة فى مواجهة مشاكل شعوبها، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بقوت يوم تلك الشعوب.
ورفضت خبيرة العلاقات الدولية ما تردد أن خروج الرئيس التونسى بن على وتولى الغنوشى مجرد اختفاء أو "تكتيك" مؤقت وسيعود الرئيس مرة أخرى ويتولى مهام منصبه، مؤكدة أن التاريخ أبرز لنا أنه لا يخرج رئيس دولة فى مثل تلك الظروف ثم يعود ثانية، خاصة عندما يثور منه شعب غير معروف بالثورة على حاكمه.
كان نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن على قد واجه مقاومة عنيفة من شباب الإنترنت الذين نجحوا فى كسر حاجز الخوف والظهور بوجوه مكشوفة للتعبير عن احتجاجهم على الرقابة، وقام كثيرون بنشر صور لهم على الموقع المخصّص للحملة (حُجب فى تونس بعد سويعات من إطلاقه) مع كتابة الاسم واللقب فى عدة حالات والتهكّم على الرقيب الإلكترونى واستفزازه أحيانا.
فتقول لينا بن مهنى الأستاذة بـ"جامعة 9 أفريل" التونسية التى حجب نظام بن على مدونتها فى مناسبتين، مؤكدة الرقابة فى عهد بن على طالت مواقع لا علاقة لها بالسياسة كمواقع تقاسم الصور والفيديو والأغانى وبعض المدونات التى تهتمّ بالطبخ وأخرى تعالج قضايا الفنّ والمسرح، وربما هذا ما يفسّر انخراط الشباب غير المُسيّس بكثافة فى الحملة الأخيرة".
من جهته يرى معزّ الباى الصحفى براديو "كلمة" أنّ "حجب الفضائيات التى أفسحت مجالا للتنفس والتعبير أمام الشباب التونسى الذى يجيد استعمال الإنترنت والذى أثبت أنه منخرط فى الحداثة بكافة تجلياتها، جعل الشباب بمختلف توجهاته يشارك فى هذه الحملة ضدّ الحجب العشوائى الذى طال مستعملى إنترنت عاديين وليسوا سياسيين معارضين للحكومة".
وبحسب معزّ الباى الذى حُجبت صفحته على فيس بوك وموقع الإذاعة التى يعمل بها، فإنّه من الصعب جدا الحديث عن "جيل جديد لا يخشى الرقابة فى تونس" ولكنّ هذه الحركة الاحتجاجية فاجأت كثيرين من متابعى الساحة الافتراضية بعد خروج الشباب عن صمته بهذا الشكل وانتفاضته على من يصادر حقه فى التعبير والاطلاع على معلومة مختلفة، ونجاح ثورة الشعب التونسى فى خلع رئيسه عن السلطة.