في خطوة هي الأول من نوعها أرسل النائب العام المصري مذكرة ودراسة إلى الحكومة تطالب بوقف تصدير الغاز إلى جميع دول العالم، فيما يستعد ائتلاف شباب الثورة بالإسكندرية لتنظيم مسيرات مليونية لوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل نهائيا، وليس مجرد تعديل أسعاره، وذلك في الوقت الذي تتعالى أصوات في إسرائيل بتهيئة الوضع الداخلي لحياة بدون الغاز المصري.
وبحسب ما نقلته صحيفة "الشروق" المصرية، الخميس 28-4-2011، عن الخبير البترولي إبراهيم زهران فإن الدراسة التي أعدتها الشركة القابضة للغازات تقول إن احتياجات مصر من الغاز حتى عام 2030 تبلغ 83 تريليون قدم مكعبة، فى حين أن الاحتياطى المسجل حاليا هو 23 تريليون قدم، أبرم النظام السابق عقودا بتصدير 18 تريليون منها؛ ما يعنى أن ما يتبقى لمصر 5 تريليونات قدم مكعبة فقط، وهو ما قد يؤدي إلى أن تصبح مصر مستوردة للغاز بأسعار باهظة وليس مصدرة كما هو الحال الآن.
ونوه الخبير البترولى إلى أن مصر تستهلك تريليونى قدم من الغاز سنويا، أى أن الاحتياطى المتبقى لن يكفى مصر سوى 3 سنوات على الأكثر.
وبجانب الاحتياجات المحلية للغاز كمنتج يتم استهلاكه في قطاعات حيوية في الحياة اليومية لفت زهران إلى الخسائر المالية التي تتكبدها مصر من عقود الغاز المبرمة منذ عام 2005، والتي يقدرها بـ 80 مليار دولار، متوقعا أن تتصاعد إلى 180 مليارا في حالة تفعيل التعاقدات لنهايتها.
وكان زهران وآخرون تقدموا ببلاغين إلى النائب العام ونيابة الأموال العامة ضد وزير البترول السابق، سامح فهمى، الذي تم في عهده توقيع اتفاقيات تصدير الغاز، وعدد من قيادات الوزارة بتهمة إهدار المال العام لصالح شركات خاصة وتبديد ثروات الشعب.
البلاغ الأول يضم 11 اتهاما، والثانى 6 اتهامات، وعليه أمرت النيابة بحبسهم 15 يوما،؛ بما يعنى أن فهمى وباقى قيادات وزارة البترول ينتظرهم 16 حكما فى حالة ثبوت إدانتهم فى القضايا الباقية، حسب زهران.
ومن التعاقدات التى حذر زهران من استمرارها صفقة تصدير الغاز لإسبانيا وإيطاليا التى بدأت فى 2005، وتستمر لمدة 20 عاما بموجب العقد الذى يسمح بتصدير 850 مليون قدم يوميا بسعر 75 سنتا مما تسبب فى خسائر أضعاف صفقة تصدير الغاز لإسرائيل.
ولم تشر الحكومة المصرية يوما إلى اعتزامها وقف تصدير الغاز إلى أي من الدول المستوردة مثل إسرائيل وإسبانيا، إلا أن وزارة البترول تحت الضغط الشعبي قالت هذا الأسبوع إنها بدأت التفاوض الفعلي مع كل مستوري الغاز، بلا أي استثناء، لتعديل أسعار التصدير. الغاز الطبيعى مشيرا إلى بدء التفاوض الفعلى مع كل مستوردى الغاز المصرى لتعديل أسعار تصديره نافيا استثناء أى دولة من تعديل الأسعار.
تصعيد شعبي
وإلى جانب الإجراءات القضائية والحكومية الجارية لتعديل بنود اتفاقيات التصدير أو إلغاءها تتصاعد التحركات الشعبية الداعية لوقف تصدير الغاز، ومنها دعوة ائتلاف شباب الثورة بالإسكندرية لمسيرات مليونية الجمعة 13-5-2011، للمطالبة باتخاذ قرار وقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل، وليس مجرد تعديل أسعاره، بالإضافة إلى التضامن مع القضية الفلسطينية والدعوات المنتشرة لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.
وطالب الائتلاف بضرورة وجود ضغط شعبي قوي في الفترة المقبلة على المجلس العسكري المصري الذي يدير شئون البلاد منذ تخلي حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير الماضي، لوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل، الذي تستخدمه في تشغيل مصانع السلاح المستخدم في الاعتداء على الفلسطينيين العزل، بخلاف أنه يقل كثيرا عن الأسعار العالمية، بحسب ما جاء في بيان الائتلاف.
كما أشار إلى ضرورة "قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتكليف لجنة من القانونيين المشهود لهم بالكفاءة والوطنية، بإعادة النظر في جميع بنود اتفاقية كامب ديفيد للسلام الموقعة بين مصر وإسرائيل بما يحمل توازنا في الحقوق والالتزامات بين الطرفين".
وحذر ائتلاف شباب الثورة تل أبيب "من الإقدام على أي خطوة من شأنها زعزعة الأمن القومي المصري، أو اتخاذها المظاهرات في مصر كذريعة لأي عمل من شأنه المساس بالأمن القومي المصري"، مشيرا إلى أن مثل هذه الخطوة قد تكون بمثابة "خطوة انتحارية للإسرائيليين".
ويأتي هذا التحذير بعد أن ذكرت مصادر صحفية أن القناة السابعة الإسرائيلية قالت في أحد أنبائها إن "تل أبيب قد تقوم بالحفاظ على خطوط الأنابيب بطرق عسكرية، إذا لم تتم الحماية من قبل السلطات المصرية"، دون الإشارة إلى أي تفاصيل.
ونسف مجهولون في ساعة مبكرة من فجر الأربعاء 27-4-2011 المحطة المغذية لخطوط تصدير الغاز إلى إسرائيل والأردن بمنطقة السبيل بالقرب من مدينة العريش المصرية، نفذه مسلحون ملثمون اقتحموا المحطة ووضعوا عبوات ناسفة أعلى حول الحادث خطوط الأنابيب لتفجيرها، بحسب ما أشارت إليه التحقيقات الأولية التي أجرتها السلطات المصرية حول الحادث.
وتعرض الخط في الخامس من فبراير الماضي لهجوم شنه مجهولون مما تسبب في توقف ضخ الغاز لإسرائيل والأردن، في أعقاب تنحي حسني مبارك.
كما استهدفت نفس المحطة يوم 27 مارس الماضي بوضع عبوات ناسفة بها إلا أنها لم تنفجر وتم تعطيل ماكينات ضخ الغاز فقط.
ووسط هذه الأجواء، تعالت أصوات داخل إسرائيل لتهيئة إسرائيل على حياة بدون الغاز المصري، و تم إجراء بحث طارئ من خلال لجنة حكومية إسرائيلية، بعد التفجير الأخير، وانتهى البحث إلى ضرورة إيجاد حلول بديلة تحتم التخلص من التبعية للغاز المصري، ووضع مجموعة من الخطط في هذا الإطار، منها الإسراع في تفعيل آبار الغاز التي اكتشفتها إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط حتى تنتج الغاز قبل الموعد المقرر في سنة 2013.
وتحصل إسرائيل على نسبة تتراوح ما بين 40 و45% من حاجاتها من الغاز الطبيعى من مصر، وهى غالبا ما تستخدم الفحم في توليد الكهرباء، لكنها تملك أيضا احتياطياتها من الغاز، وتستطيع تعويض النقص بأنواع أخرى من الوقود، بحسب تقرير لصحيفة "يديعوت إحرونوت". غير أنه يبدو أن الفوائد المادية التي كانت تحصل عليها إسرائيل من صفقات الغاز مع النظام المصري السابق بأسعار تقل بكثير جدا عن الأسعار العالمية يصعب تعويضها، فقد انخفضت فاتورة الكهرباء بالنسبة للمواطن الإسرائيلي بنحو 20% على الأقل، كما أن إسرائيل تكسب 10 مليارات دولار سنويا من صفقة تصدير الغاز المصري إليها، بحسب تقديرات وزارة الطاقة الإسرائيلية.