بعد ثورة 25
يناير أصبح كثير من الممنوع مباحا فى حدود الخمسة آلاف توكيل، وهو الرقم
الذى حددته لجنة شئون الأحزاب للحصول على موافقة بإنشاء حزب جديد، وهو ما
يطمع فيه أصحاب أغرب فكرة حزبية حتى الآن، اللذين يسعون لتأسيس حزب باسم
"الحزب النازي المصري" الداعي لتنقية العرب من العناصر الدخيلة؛ وهو ما
جوبه بقليل من القبول والجدل والكثير من السخرية والنقد اللاذع.
"النازية
التى اشتهرت به ألمانيا فى عهد هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية أصبحت
متوافرة وبكثرة فى مصر"، هكذا عبر عدد من مستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي
"الفيس بوك" تعليقا على الحزب الذي لم يتم تقديم أوراقه بعد للجنة تأسيس
الأحزاب، الذى أصبح مثار للسخرية والجدل بين عدد كبير من النشطاء السياسيين
المصريين.
بداية الحديث عن
الحزب المزعم إنشائه كانت فى نهاية مايو المنصرم، عندما نشر موقع جريدة
البديل خبراً عن أن عددا من المواطنين المصريين أعلنوا اعتزامهم إنشاء أول
حزب نازي بمفاهيم "عصرية جديدة".
لسنا مثل بقية الأحزاب
ونقل
الموقع الإخباري عن عماد عبد الستار، أحد أعضاء المؤسسين للحزب، قوله إن
الحزب يضم عددا من الشخصيات المرموقة فى المجتمع، وأن وكيل المؤسسين من
العسكريين السابقين، وأن "المبدأ الرئيسي للحزب هو إرجاع كل السلطات للحاكم
أو الرئيس، ووضع مقاليد الأمور بين يديه بعد اختياره بعناية، وهو الأمر
الذي نعد له الآن فى اختيار الأكفأ ليمثلنا أمام الرأي العام".
وقال عبد الستار إن الحزب كان يعمل فى سرية تامة إبان عهد مبارك؛ مما شل تحركات قادته عن استكمال المسيرة وتحقيق أهدافه.
وأضاف
عبد الستار إن "عدد التوكيلات يزداد بصورة غير متوقعة ويتوافد علينا
الكثير للاستفسار عن طبيعة النشاط وخطة العمل، كما وضعنا خطة لتغيير مصر في
ظرف عام على الأكثر، ولسنا مثل بقية الأحزاب الليبرالية لمهمشة والتي تشبه
الجثث الهامدة".
وقال محيي
الدين، أمين سر الحزب النازي، الذي رفض الإفصاح عن اسمه كاملا لحين إعلان
الحزب رسميا، في تصريحات لوسائل إعلام مصرية، إن برنامج الحزب يقوم على
تقسيم الناس إلى أعراق ويفاضل فيما بينهم، مشيراً إلى أن عقيدة حزبه وضعت
الجنس المصري - العربي على رأس السلم وفي أسفله الجنس السامي خاصة اليهود
بالإضافة إلى السلافيين والزنوج والغجر.
"لا مساواة"
وأضاف
محيي الدين أن الحزب لا يؤمن بالمساواة بين الأجناس أو الأفراد، بل يؤمن
بتفاوتهم من حيث القدرات، وأن من حق الجنس الأقوى أن يحارب ويسيطر على
الضعيف حتى يجد لنفسه متسعا من الحياة. وأكد أنه في كل عصر من العصور كان
هناك جنس يسيطر على العالم، والآن جاء الدور على الجنس المصري الذي سيستمر
حكمه لمدة ألف عام، موضحاً أن أعضاء الحزب يؤمنون بعقيدته أعلى من إيمانهم
الديني.
وينص برنامج الحزب
على عدد من البنود الأساسية هي: وحدة جميع الجنس العربي داخل أمة ودولة
عربية واحدة عظمى، وإلغاء كافة المعاهدات وبناء مدن جديدة ومستوطنات
للمصريين وطرد كل ما هو غير عربي خارج البلاد، وتجريم الفوائد البنكية
باعتبارها فسادا وكسبا غير مشروع ووضع كافة غنائم الحرب تحت تصرف الدولة
لتوزع على الشعب بنسب متساوية، كما يدعو البرنامج إلى سحب الجنسية من
اليهود المصريين.
ونقلت صحف
مصرية وعربية عن مصادر دخل الحزب قوله إن الفكرة جاءت لهؤلاء الشباب عقب
ظهور بعض التيارات الدينية الأصولية مثل السلفيين والجهاد عقب الثورة الأمر
الذي أدى إلى إشاعة الفوضى وحرق الكنائس وهدم الأضرحة والاعتداء على
المواطنين العزل.
وأضافت
أنهم ظلوا حريصين على سرية تحركاتهم وعدم الإدلاء لوسائل الإعلام حول طبيعة
نشاط الحزب بصورة كاملة ضمانا لاكتمال التأسيس دون أي مفاجآت جديدة.
الوجود الافتراضي
من
على العالم الافتراضي فى فضاء الإنترنت دشن ناشطون على موقع "فيسبوك" صفحة
للحزب تحت اسم "الحزب النازي المصري"، ويقوم على تأسيس دولة مصرية وأمة
عربية كإمبراطورية عظمى تتحكم في مجريات التاريخ الحديث.
ويتهم
ناشطوا الحزب الوليد منافسيهم من الأحزاب الجديدة والقديمة التي تدعو
للحرية والعدل والمساواة بأنها تابعة لفلول النظام السابق، متسائلين إلى
متى ستظل دول مثل بريطانيا وألمانيا وأميركا واليابان والصين تتحكم في
مصائر البشر في فترات مجدها، واعتبروا أنه بما أن مصر أقدم دولة في التاريخ
فيجب أن تتسيد العالم حالياً، حسبما تقول صفتهم على الفيسبوك.
وفى
نفس الوقت ظهرت صفحتان على "فيسبوك" خلال الفترة الماضية، إحداهما تحمل
اسم "الحزب النازي المصري" والثانية "عودة رجال الحزب النازي في مصر"،
واجتذبت الصفحتان عددا تجاوز الـ 600 متابعا، لكن معظم التساؤلات التي
طرحها المتابعون تركزت حول ماهية الحزب، وسياساته، وبعض التعليقات المطالبة
بتوضيح كيفية الانضمام.
"كوميدي"
الغريب
فى الأمر هو أن الحديث عن الحزب ظهر لفترة محدودة ثم اختفي، إلا أنه أثار
موجة كبيرة من ردود الأفعال الساخرة حول الحزب الذى أعتبره البعض الأشهر
والأغرب فى الساحة المصرية التى تشهد هذه الأيام ميلاد أحزاب عديدة.
وعلق
عدد من المدونين المصريين على فكرة الحزب بنوع من السخرية، فعبر صاحب
مدونة "عرباوي" حول ما تردد في وسائل إعلام مصرية عن أن الحزب المزعم يدعو
إلى أن يتسيد الجنس المصري العربي العالم لمدة ألف سنة، إلى جانب طرد غير
العرب من المنطقة وسحب الجنسية من اليهود المصريين بالقول: "مبروك للجميع،
فبعد حل الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابقاً) سيكون في مصر قريباً أول
حزب نازي محلي، يعتبر أن العرب هم العرق الأسمى، وأن أبناء الطبقة العاملة
لا يحق لهم التعبير عن أرائهم".
بينما قال أخر على الفيسبوك: "بعد الحزب الوثني الديمقراطي أصبحنا الآن أمام الحزب النازي، صعب مصر تعيش من غير حزب سياسي كوميدي".
ومن
على موقع صحيفة البديل، بادر عدد من قراء الموقع بالتعليق على خبر عن
مساعي إنشاء الحزب، فقال محمد عبد السميع نوح مبديا موافقته على الفكرة مع
التعديل: "اتمنى أن يكون اسم الحزب ( الحزب النازي الجديد)؛ لأن إضافة كلمة
الجديد ستتيح الفرصة لتنقيح مبادئه والتخلص من عيوب النازية المعروفة
والتمسك بموقف النازية من اليهود (لا كدين يهودي لا نعاديه ولكن كحركة
استعمارية عنصرية )، أحترم الفكرة لأن هتلر لم يكن شرا كله ، نأخذ يره
ونترك شره".
ومن نفس الموقع
يقول آخر رافضا الفكرة تماما: "إزاي حزب نازي؟؟؟؟ ده مش قانوني أبدا ده
جنان، لو مصري إسود هنعمل فيه إيه ؟؟ جوزي الخواجة وعيالي الشقر هتنيلوا
فيهم إيه؟؟؟ مين هايسمح بيكم يا نازيين، ألمانيا خربت العالم بس للأسف في
ناس عمرهم ما هيفهموا"؛ وتقول أخري: "الكلام ده حراااام جدا، لا فضل لعربي
علي أعجمي ولا لأبيض علي أسود، وبعدين الدول العربية مليانة سود و شقر،
لازم تقتلوهم كلهم طبعا بلاش غباوة، الشعب هيتف عليكوا".
مشاكل قانونية
ويواجه
الحزب الوليد مشكلة قانونية كبيرة قد تعيق ظهوره رسميا، فحسب المادة
الأولى من قانون الأحزاب الجديد الصادر فى مارس الماضي لا يجوز قيام الحزب
فى مبادئه أو برامجه أو فى مباشرة نشاطه أو فى اختيار قياداته أو أعضائه
على أساس ديني أو جغرافي أو على أسس التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو
الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو لأي سبب آخر.
وهو
الأمر الذى يجعل إمكانية قيام حزب النازي حسب القواعد التى أعلنها يبدو
مستحيل، فالحزب الجديد قائم على مبدأ الجنس والعرق وتقسيم الناس على هذه
القواعد.