دوشنبه -
استمرارا لمسلسل القيود وانتهاك الحريات الدينية التي تنتهجها الحكومة الطاجيكية ضد مسلميها- بذريعة محاربة التطرف -
في البلد الذي يمثل المسلمون فيه نحو 95% من عدد السكان؛ أقر البرلمان مشروع قانون جديد يقضي بمنع الشباب في أعمار دون 18 سنة من الذهاب إلى المساجد ومن المقرر أن يحال إلى الرئيس لتوقيعه ليصبح قانوناً.
وقال الباحث الإسلامي البارز أكبر تورادجونزودا لصحيفة تايمز أوف إنديا “إنه يوم أسود بالنسبة للمسلمين، فحتى في عهد الاحتلال السوفييتي لم تكن هناك مثل هذه الإجراءات العقابية والاضطهاد الديني للمسلمين". وأضاف “سيدافع الشعب عن معتقداته بنفسه إذا لم تكن الدولة تريد ذلك”.
في السياق ذاته، اتهم حزب المعارضة الرئيسي في طاجكستان الحكومة قبل أيام بقمع الحريات المدنية وإهمال الشعب، في أشرس انتقاد تتعرض له الحكومة منذ توقيع اتفاقية عام 1997 لإنهاء حرب أهلية استمرت خمس سنوات.
وأقر مجلس النواب هذا الأسبوع مشروع قانون "المسئولية الأبوية" الذي سيجرم السماح للأطفال بالانضمام إلى أي مؤسسة دينية لم تحصل على تصريح رسمي من الدولة بحسب رويترز.
وبررت السلطات هذا الإجراء- الذي يعتبر من بنات أفكار الرئيس إمام علي رحمانوف - بأنه ضروري للحد من انتشار الأصولية في الدولة الفقيرة المضطربة.
وسيحال مشروع القانون الجديد الآن إلى مجلس الشيوخ الذي لا يشك أحد في أنه سيقره ويحيله بدوره إلى الرئيس –الذي يحكم البلاد منذ عام 1992- لتوقيعه ليصبح قانونا.
وينتظر في الأيام القليلة المقبلة في منطقة خاتلون الطاجيكية البدء في محاكمة بعض الآباء بتهمة إرسال أبنائهم إلى الخارج للدراسة في المدارس الدينية الإسلامية, وبموجب القانون يواجه هؤلاء عقوبة السجن لمدة تصل إلى سنتين أو غرامة مالية تراوح بين 17 و35 ألف دولار.
ورفعت القضية الجنائية ضد ثمانية من الآباء بموجب المادة 164 من القانون الجنائي في جمهورية طاجكستان والتي تنص على مدة سجن تصل إلى سنتين، بحسب ما أفاد نائب المدعي العام في منطقة خاتلون طالب جان عظيموف خلال مؤتمر صحفي قبل نحو أسبوع في العاصمة الطاجيكية دوشنبه.
وحول أسباب اعتقال الآباء قال عظيموف: "لم يرغب الأطفال في السفر للدراسة بالخارج لكن آباءهم أصروا على تعليمهم تعليماً دينياً".وأضاف نائب المدعي العام في تلك المنطقة أن التحقيق سينتهي قريباً وستتم إحالة القضية إلى المحكمة.
انتهاك مستمر
وكانت الحكومة الطاجيكية قد طبعت مطلع العام الحالي 5 آلاف نسخة من كتاب يحتوي خطب منبرية على أئمة المساجد وتم توزيعه على 3 ألاف مسجد في أنحاء البلاد حيث يتم توضيح ما يجب أن يتطرق إليه الخطيب ومالا يجب ألا يتطرق إليه أثناء الخطبة.
واتهمت طاجيكستان التي تشترك مع أفغانستان في حدود بطول 1340 كيلومترا منظمات دينية بتأجيج التوتر. كما استدعي رحمانوف العام الماضي طلابا من بلاده من مدارس دينية في الخارج وانتقد التوجه المتنامي لارتداء الزي الإسلامي.
وكثيرا ما يتم اعتقال المسلمين ذوي اللحي الذين يتعرضون للإذلال من قبل الشرطة، كما يتم إغلاق الكثير من المساجد واعتقال المصلين؛ تحت ذريعة عدم تسجيلها لدى الجهات الحكومية المختصة، وهو ما ينفيه المصلون ويقولون إنهم بذلوا جهودا كبيرة ليتم تسجيل تلك المساجد ولكن المكاتب الحكومية لا تهتم بجهودهم، بل تقدم أعذارا واهية تهدف إلى إغلاق المساجد.
ذعر من الإسلاميين
ويفسر المعارضون لاتخاذ هذه الإجراءات العشوائية، بأنه علامة على ذعر الرئيس القوي للبلاد إمام علي رحمان من الإسلاميين، ويقولون: "هذه محاولة لإدارة الوسط الديني بمسئولين ليس لديهم سياسية واضحة تجاه الدين، كما تكشف أيضا أن المسئولين يخشون من تزايد نفوذ الدين في البلاد".
كما يرون :" أن أعداد الملتزمين تزداد باطراد، وأن الأشياء الدخيلة على الإسلام مثل الخمر تختفي ، والملتزمون يعرفون هذا الأمر وهم ليسوا في حاجة لكتاب الخطب لمعرفة ذلك".
وطاجكستان هي الأفقر بين الجمهوريات السوفييتية السابقة الخمس في منطقة آسيا الوسطى, وتعتمد الدولة العلمانية التي تقطنها غالبية مسلمة على تحويلات أبنائها العاملين في الخارج إلى جانب صادرات الألومنيوم والقطن.
ويرى بعضهم أن موجة الغضب الشعبي التي تجتاح أجزاءً من العالم العربي قد تتكرر في طاجكستان، فيما يرى آخرون أن هذا غير مرجح مادام استمر تدفق التحويلات المالية من روسيا وكازاخستان التي يعمل فيها مليون شاب طاجيكي وهم عادة الفئة العمرية الأساسية في تنظيم الاحتجاجات.