شريف الحكيم عضو فعال
عدد المساهمات : 4068 تاريخ التسجيل : 19/12/2009
| موضوع: صحيح القصص النبوي // قصة أصحاب الأخدود السبت أغسطس 13, 2011 2:37 am | |
|
عَنْ صُهَيْبٍ الْرُّوْمِيِّ ، رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كَانَ مَلِكُ فِيْمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وَ كَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ : إِنِّيَ قَدْ كَبِرْتُ ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَاما أُعَلِّمْهُ الْسِّحْرَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَاما يُعَلِّمُهُ ، وَ كَانَ فِيْ طَرِيْقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَ سَمِعَ كَلَامَهُ فَأَعْجَبَهُ ، وَ كَانَ إِذَا أَتَىَ الْسَّاحِرَ مَرَّ بِالْرَّاهِبِ وَ قَعَدَ إِلَيْهِ ، فَإِذَا أَتَىَ الْسَّاحِرَ ضَرَبَهُ ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَىَ الْرَّاهِبِ ، فَقَالَ : إِذَا خَشِيْتَ الْسَّاحِرَ فَقُلْ : حَبَسَنِيْ أَهْلِيْ ، وَ إِذَا خَشِيْتَ أَهْلَكَ فَقُلْ : حَبَسَنِى الْسَّاحِرُ . فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ ، إِذَا أَتَىَ عَلَىَ دَابَّةٍ عَظِيْمَةٍ قَدْ حَبَسَتْ الْنَّاسَ ، فَقَالَ : الْيَوْمَ أَعْلَمُ آَلِسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمْ الْرَّاهِبُ أَفْضَلُ ؟ فَأَخَذَ حَجَرَا فَقَالَ : الْلَّهُمَّ إِنِّ كَانَ أَمْرُ الْرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ الْسَّاحِرِ ، فَاقْتُلْ هَذِهِ الْدَّابَّةَ حَتَّىَ يَمْضِيَ الْنَّاسُ ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَ مَضَىْ الْنَّاسُ . فَأَتَىَ الْرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ . فَقَالَ لَهُ الْرَّاهِبُ : أَيْ بُنَيَّ ! أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّيْ ، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَىَ ، وَ إِنَّكَ سَتُبْلَىَ ، فَإِنْ ابْتُلِيْتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ ، وَ كَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ يُدَاوِيْ الْنَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ . فَسَمِعَ جَلِيْسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيْرَةٍ ، فَقَالَ : مَا هَهُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنّىْ ، فَقَالَ : إِنِّيَ لَا أَشْفِيَ أَحَدا ، إِنَّمَا يَشْفِيَ الْلَّهُ تَعَالَىْ ، فَإِنْ آَمَنْتَ بِالْلَّهِ تَعَالَىْ ، دَعَوْتُ الْلَّهَ فَشَفَاكَ . فَآَمَنَ بِالْلَّهِ تَعَالَىْ ، فَشَفَاهُ الْلَّهُ تَعَالَىْ ، فَأَتَىَ الْمَلِكُ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مِنْ رَدِّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ؟ قَالَ : رَبِّيَ . قَالَ : وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِيّ ؟! قَالَ : رَبِّيَ وَ رَبُّكَ الْلَّهُ ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّىَ دَلَّ عَلَىَ الْغُلَامِ . فَجِيْئَ بِالْغُلَامِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَيْ بُنَيَّ ! قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ تَفْعَلُ مَا تَفْعَلُ . فَقَالَ : إِنِّيَ لَا أَشْفِيَ أَحَدا ، إِنَّمَا يَشْفِيَ الْلَّهُ تَعَالَىْ ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّىَ دَلَّ عَلَىَ الْرَّاهِبِ ، فَجِيْئَ بِالْرَّاهِبِ فَقِيْلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِيْنِكَ ، فَأَبَىَ ، فَدَعَا بِالْمِنْشَارِ ، فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِيْ مَفْرِقِ رَأْسِهِ ، فَشَقَّهُ حَتَّىَ وَ قَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ جِيْئَ بِجَلِيْسِ الْمَلِكِ فَقِيْلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِيْنِكَ فَأَبَىَ فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِيْ مَفْرِقِ رَأْسِهِ ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّىَ وَ قَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ جِيْئَ بِالْغُلَامِ فَقِيْلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِيْنِكَ ، فَأَبَىَ . فَدَفَعَهُ إِلَىَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : اذْهَبُوْا بِهِ إِلَىَ جَبَلِ كَذَا وَ كَذَا ، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِيْنِهِ ، وَ إِلَّا فَاطْرَحُوْهُ . فَذَهَبُوا بِهِ ، فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ ، فَقَالَ : الْلَّهُمَّ اكْفِيْنِيْهُمْ بِمَا شِئْتَ ، فَرَجَفَ بِهِمْ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا ، وَ جَاءَ يَمْشِيَ إِلَىَ الْمَلِكِ . فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ بِأَصْحَابِكَ ؟ّ فَقَالَ : كَفَانِيْهِمُ الْلَّهُ تَعَالَىْ ! فَدَفَعَهُ إِلَىَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : اذْهَبُوْا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِيْ قُرْقُورٍ وَ تَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرِ ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِيْنِهِ ، وَ إِلَّا فَاقْذِفُوهُ . فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ : الْلَّهُمَّ اكْفِنِيْهِمْ بِمَا شِئْتَ ، فَانْكَفَأْتُ بِهِمْ السَّفِيْنَةُ فَغَرِقُوا ، وَ جَاءَ يَمْشِيَ إِلَىَ الْمَلِكِ . فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ بِأَصْحَابِكَ ؟ فَقَالَ : كَفَانِيْهِمُ الْلَّهُ تَعَالَىْ . فَقَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِيْ حَتَّىَ تَفْعَلَ مَا آَمُرُكَ بِهِ . قَالَ : وَ مَا هُوَ ؟ قَالَ : تَجْمَعُ الْنَّاسَ فِيْ صَعِيْدٍ وَ احِدٌ ، وَ تَصْلُبَنّىْ عَلَىَ جِذْعٍ ، ثُمَّ خُذْ سَهْما مِنْ كِنَانَتِيْ ، ثُمَّ ضَعْ الْسَّهْمَ فِيْ كَبِدِ الْقَوْسِ ، ثُمَّ قُلْ : بِسْمِ الْلَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ، ثُمَّ ارْمِنِي ، فَإِنَّكِ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِيْ . فَجَمَعَ الْنَّاسَ فِيْ صَعِيْدٍ وَ احِدٌ ، وَ صَلَبَهُ عَلَىَ جِذْعٍ ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْما ً مِنْ كِنَانَتِهِ ، ثُمّ وَ ضَعْ الْسَّهْمَ فِيْ كَبِدِ الْقَوْسِ ، ثُمَّ قَالَ : بِسْمِ الْلَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ الْسَّهْمُ فِيْ صُدْغِهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِيْ صُدْغِهِ فَمَاتَ . فَقَالَ الْنَّاسُ : آَمَنَّا بِاللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ، فَأَتَىَ الْمَلِكَ فَقِيْلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ ، قَدْ وَ الْلَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ . قَدْ آَمَنَ الْنَّاسُ . فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ بُأَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَ أُضْرِمَ فِيْهَا الْنِّيْرَانُ ، وَ قَالَ : مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِيْنِهِ فَأَقْحَمُوهُ فِيْهَا ، أَوْ قِيَلَ لَهُ : اقْتَحَمَ ! فَفَعَلُوا ، حَتَّىَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَ مَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا ، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيْهَا ، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ : يَا أُمَّاهْ اصْبِرِيْ ، فَإِنّكَ عَلَىَ الْحَقِّ " . هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
غريب الحديث :
1 - الأكمه : الذي و ُلِدَ أعمي .
2- مفرق رأسه : أي و سطه .
3-ذروة الجبل : أعلاه .
4- الجذع : هو العود من أعواد النخل .
5- كنانتي : بيت السهام .
6- كبد القوس : وسطه .
7- خُدَّتْ : أي شُقَّتْ .
8- أقحموه فيها : أي القوه فيها .
9 - القرقورة : نوع من السفن .
10 - الصعيد هنا هي : الأرض البارزة .
11- أضرم : أي أوقد .
12- انكفأت : أي انقلبت .
13- تقاعست : أي توقفت و جَبُنَتْ .
| |
|