ما الَّذي فيَّ تَغيَّرْ؟ ما الَّذي في القَفْرِ أَزْهَرْ؟
بَيْنَ أَجْفاني تَراءى مَوْجُ عُشْبِ الحَقْلِ أَخْضَرْ
ذوّبَ الكُحْلَ بِدَمْعي، ثمَّ في عَيْنَيَّ أَبْحَرْ!
------------
كُنْتَ في حُلْمي كطَيْفٍ، خَلْفَ آمالِ الْمُقَدَّرْ
أَشْتَهي مِنْهُ وِصالاً، دونَهُ صَعْبٌ مُحَظَّرْ
وَجُفوني سائِلاتٌ، ثَغْرَكَ الْعَذْبَ المُقَطَّرْ
إِنْ بَدا مِنْهُ غُرورٌ، ما عَلَيْهِ إِنْ تَأَمَّرْ
كُلُّ ما فيهِ حَبيبي، ما بدا مِنْهُ وَأَضْمَرْ
فَانْتَظِرْني خَلْفَ أَسْتارِ الْمَدى عُمْراً مُنَوَّرْ
وَالْمَسِ الرّوحَ بِروحٍ، تَبْعَثُ الْقَلْبَ الْمُكَسَّرْ
-----------
كُنْتَ في حُلْمِي كَطَيْفٍ، مَسَّهُ اللهُ فَصَوَّرْ
وَأُعيدَ الْخَلْقُ مِنّي، كُلُّ ما فِيَّ تَغَيَّرْ!
-----------
الوجدُ في صدري لهيبْ
ذكرى وتَحنانٌ وطيبْ
لمعٌ كبَرقٍ في السَّما
طيفٌ يلمُّ الأنجُما
كذّبتُهُ لمّا ارتمى
في ضوءِ عيني لايغيبْ
فأجابني عنهُ الرَّحيقُ
وَصَدَّقَ الْعِطْرُ بأَنّي
أجْتَني السِّحْرَ على صَدْرِ الْحَبيبْ
---------
ضُمَّني بَعْدُ
وَأَطْفِئْ
تارَ تَهْيامي بِنارْ
لا يُطْفِئُ الْجَمْرَ سِوى الْجَمْرِ
فَداوِ الْخَمرَ بِالْخَمْرِ
وَلا تَنْأَ
حبيبي إنَّني الآنَ
أعيشُ وَإِنَّني أَفْنى
--------
وَدَعْ صَدْري عَلى نارَيْكْ
يَلوذُ ويحتمي بيديكْ
وَدَعْني في مدى العطرِ
أريقُ العمرَ في عينيكْ
--------
أنا ظمأٌ شراييني
ولايروي بساتيني
سوى صدرٍ
يلفُّ الكونَ في زنديكْ
-------
أحبّك جدّاً
ويقتلني فيكَ فيضُ الذّكاءْ
كضوءِ الصّباحِ فضحْتَ فصولي
وكلُّ فنونيَ ضاعَتْ هباءْ؟
--------
أكاذيبَ أروي
وكلُّ كلامي إليكَ ادّعاءْ
فأوهمْ غروري
بأنّك صدّقتَ هذا الهراءْ
ومرّتْ عليكَ مرورَ الهواءْ
---------
فإنّي امرأهْ
مجرّدُ أنثى ككلِّ النّساءْ
أحاصرُ حرفي على نشوةِ البَوْحِ بالكبرياءْ
وأردَعُ شوقي
برغمِ حضارَةِ هذا الزّمانِ ببعضِ الحياءْ
---------
فدعْني أمارِسُ عشقي بِكِبْرٍ
وبعضِ الإباءْ
ودعني أجرّبُ فنَّ الدَّهاءْ
وأنتَ تغابَ
فبعضُ الهوى
يزيدُ اشتعالاً ببعضِ الغباءْ
---------
دليلٌ على العشقِ ليسَ سواهْ
يطيرُ بقلبي ويرضي هواهْ
ويحملُني فوقَ مجدِ مناهْ
فزِدْ في قيودي، وسوفَ تراهْ
ينالُ صفاهُ ويلقى هناهْ
لأنّكَ صرتَ أخيراً حبيبي
تغارُ عليّْ!
--------
عَزيزَ الْقَلْبِ هَلْ تُدْني وِصالَكْ؟
وَتُسْري في ظَما شَوْقي زُلالَكْ؟
وَتَرْوي مُقْلَةً وَلْهى بِطَيْفٍ
تُفيضُ بِقَفْرِ حِرْماني غِلالَكْ
---------
قَبَضْتُ بِراحَتي وَهْمَ اللَّيالي
لأَذروهُ عَلى وِدٍّ صَفا لَكْ
فَصِرْتَ الصَّحْوَ في حُلْمي أَراهُ
هَناءَ الرّوحِ ما أَدْنتْ خَيالَكْ
---------
حبيبي مَنْ أَرى عُمْري وَليداً ،
بِبَسْمةِ ثَغْرِ أَيّامي خِلالَكْ
إِذا أَعْرَضْتَ عَنْ دَمْعي صُدوداً
وَإِنْ أَبْدَيْتَ عَنْ شَوْقي انْشِغالَكْ
وَإِنْ أَنْكَرْتَ في صَلَفٍ شُجوني
تَحَدّى الصَّبْرُ في هَمْسٍ: أَنا لَكْ!
--------
كن لها
وأنا لعينيكَ أكون...
فلها النّعيمُ المشتهى
ولي أنا لهبُ الظّنونْ
--------
إزرعْ مدى العينينِ أزهارَ الهوى
إمنحْ لها في الحبِّ هاتيكَ الفنونْ
أمّا أنا..
فإذا سمعتَ بلوعتي
دعْ عنكَ لومي يا حبيبي
هل صغى للنّصحِ قبلي عاشقونْ؟
ماهمُّ قلبِكَ أنتَ لو ألقيْتُ صَبري في الأتونْ؟
---------
هذي حياتي
هل يضيرُ العمرَ لو ضاعَتْ سنونْ؟
هذي حياتي
إن وُلدْتُ فمرّةً
لأكونَ في عينيكَ أوْ أنْ
لا أكونْ
----------
تُعاتِبُني وكم سئمتْ عتابي
مواجِعُ في دمي أنَّتْ لِما بي
تُعدِّدُ لي سنيناً من قيودي
تُباعِدُ عنْ ظما شوقي اقتِرابي
----------
أيا آلامُ فلتدَعي مَلامي
لأنّ الصّبرَ يُذكيهِ مُصابي
وإنّ عَلى سطورِ العهدِ لوحاً
لأقداري يقولُ: غداً إيابي!
---------
كانَتْ جِراحي غَفَتْ في أَمْسِ خاتِمَتي
فَارْتَدَّ يَنْبُشُها مِنْ سالِفِ الْحِقَبِ
--------
بعضَ الْكَلامِ. فَكَمْ بِالصَّمْتِ تُشْقيني
حارَ السُّؤالُ أَتُدْني أَمْ سَتُقْصيني؟
بَعْضَ الْحُروفِ، وفي حَرْفَيْنِ مِقْصَلَتي
أَوْ مَوْلِدي قُلْ أَتُرْدي أَمْ سَتُحْييني؟
تاقَ انْتِظاري وَبِالآمالِ مَوْعِدُهُ
وَالْوَعْدُ جَمْرٌ فَكَلِّمْني وَأَطْفيني
--------
كَمْ أَشْتَهي مِنْكَ بَوْحاً يَوْمَ تَهْمِسُهُ
يَرْتَدُّ صَوْتُكَ نَبْضاً في شَراييني
يَجْري كَما الرّوحُ في أَشْواقِ عاشِقِهِ
أَوْ جَدْوَلٌ فاحَ عُشْباً في بَساتيني
قُلْ لي: أُحِبُّكِ، قُلْ في نَزْعِ مُحْتَضِرٍ
وَلْيُقْهَرِ الْمَوْتُ إِنَّ الْعِشْقَ يُبْقيني
--------
حَنينٌ أَنا في مَهَبِّ التَّمَنّي
وَهذي الْقَصائِدُ مِنْ تُرَّهاتي
وَحُلْمي الشَّقِيُّ عَلى كَفِّ وَعْدٍ
فَراشٌ بِأَجْنِحَةٍ تائِهاتِ
جُنونٌ يُؤَرْجِحُني في مَنامي
فَبَعْضٌ لِقائي وَبَعْضٌ شَتاتي
أُناجيكَ خُذْ ياحَبيبي يَدَيَّ
فَكُنْ لي صَباحي، بهَمْسَةِ: هاتي؟!
--------
يقلّبُني في فُصولِ الوجودِ
يقيني وشكّي وطوقُ القيودِ
وفكري يحدُّ الهوى ضفّتيهِ
فتهوي الرّؤى في ضبابِ الحدودِ
-------
رحل إلى الذّكرى ولكن خذْ معكْ
عمرَ الهوى والحبِّ كي لايرجعَكْ
خذْ من دمي مسرى العذابِ إذا الجوى
لاذتْ بهِ شكوى الجفونِ فأوجعَكْ
خذْ من ضلوعي ضارعاً ذلّلتَهُ
سألَ اللَّيالي دمعَها واستشفعَكْ
خذْ ما زرعْنا من أمانٍ وارمِها
طَيَّ التّمنّعِ إذ بسطْتَ تمنّعَكْ.
--------
لا ياحبيبي! لاتضِقْ من مُتعبٍ
إنّي الهوى! أحلى الهوى مالوَّعَكْ
يامهدَ روحي، دعْ لروحي مهدَها
شئتَ النّوى؟ مُرها بألاّ تتبعَكْ!
------
ولا.. لا تسلْ
وأنتَ الأخيرْ
وأنتَ الحبيبُ وَأنتَ الأمَلْ
هُوَ العُمْرُ قبلَكَ وَهْمٌ أفَلْ
وأمّا الحقيقَةُ يَوْمَ لقاكْ
عشقْتُكَ وحدَكَ منذُ الأَزَلْ!!
------