مصدق وسام الاندلس
عدد المساهمات : 24 تاريخ التسجيل : 26/07/2010
| موضوع: ناس فى القلب // حافظ سلامة..86 عاما.. من شباب الثورة! الثلاثاء فبراير 22, 2011 6:51 pm | |
|
ربما يكون من الغريب للوهلة الأولى عندما تسمع أن شيخا عمره 86 عاما كان أحد القياديين للثورة المصرية التي عرفت بثورة الشباب، وتحديدا في مدينة السويس، وربما تزداد دهشتك إذا سمعت ان هذا الشيخ قد أصر على الحضور إلى القاهرة ومشاركة الشباب في ميدان التحرير.. لكن دهشتك هذه ستتبدد تماما إذا عرفت أن هذا الشيخ هو الشيخ حافظ سلامة شيخ المقاومة الشعبية بمدينة السويس زمن الاحتلال الإنجليزي والإسرائيلي. كيف لا وهو الرجل الذي وصفه الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت حرب 6 أكتوبر 1973، قائلاً: "إن الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية، إمام وخطيب مسجد الشهداء، اختارته الأقدار ليؤدي دورًا رئيسيًّا خلال الفترة من 23– 28 أكتوبر عام 1973 عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه من أجل احتلال المدينة الباسلة" أثناء ثغرة الدفرسوار. وإذا كانت قيادة الشيخ حافظ سلامة لعمليات المقاومة الشعبية في مدينة السويس بدءًا من يوم 22 أكتوبر 1973م تعد هي المحطة الأهم في حياة الشيخ حافظ سلامة، فإنها ليست الحلقة النضالية الوحيدة في حياة الشيخ الذي حارب -إلى جانب العدو الصهيوني- القوات الإنجليزية زمن الاحتلال الإنجليزي، وأبى إلا أن يضم لتاريخه النضالي مشاركته في محاربة رموز الفساد خلال ثورة 25 يناير 2011 رغم عمره الذي تخطى الـ86 عاما. حماية.. ونضال.. ودقيق! وما إن انطلقت ثورة اللوتس المصرية في الخامس والعشرين من يناير الماضي حتى كان الشيخ «حافظ سلامة» يلهب ثورة حماسة الشباب بالسويس، دون أن يمنعه كبر سنه ومرضه عن قيادة شباب مدينة السويس في أكبر وأعنف مظاهرات شهدتها مصر خلال انتفاضة الغضب يومي الأربعاء والخميس 26و27 يناير، حتى لقب السويس بـ«سيدي بوزيد المصرية»، في إشارة إلى أنها كانت الأعنف في المواجهات. ووقف الشيخ الكبير يفيض على الشباب حماسة ويهتف الشيخ ضد النظام الحاكم، مطالبا أبناء السويس بالمثابرة والصمود حتى يتنحى مبارك، مؤكدا أن هذه الوقفة التاريخية ستظل محفورة في ذهن كل مصري استطاع أن يتغلب على الفساد. ولم يكن جديدا على الشيخ حافظ سلامة، الذي اعتاد تشكيل مجموعات المجاهدين في شبابه أن يشكل وينظم مجموعات اللجان الشعبية، لحماية منشآت السويس بعد هروب الشرطة، حيث قام بتجميع الشباب وصنع منهم دروعا بشرية لحماية الممتلكات العامة من النهب والسرقة، ونظم صفوف العمل بين الشباب لحماية الشوارع والمنازل بعدما انطلقت فلول البلطجية على الأهالي في مساكنهم ومحلاتهم التجارية. كما استغل الشيخ علاقاته بتجار السويس والمحافظات المجاورة وتمكن من تجميع 5 أطنان من الدقيق لمخابز السويس بعد اختفاء الخبز بأوامر من النظام لمسئولي التموين بوقف ضخ الدقيق للمخابز، لإحداث أزمة تهدف لتشتيت جهود المتظاهرين، وشكل سلامة من أبناء السويس مجموعات لتوزيع الخبز مجانا على المناطق المتطرفة بالمدينة، وقام كذلك بتوفير كميات من البطاطس والطماطم والخضراوات بأسعار منخفضة، لمواجهة جشع بعض التجار. وبعد أن اطمأن على أوضاع مدينته الحبيبة، انطلق حافظ نحو ميدان التحرير بالقاهرة في «جمعة الغضب»، ليشارك شباب التحرير في ثورتهم قائلا: «إن الوقت حان لمحاسبة نظام مبارك القمعي على الجرائم التي ارتكبها ضد شعب مصر». شهداء.. أبناء شهداء وخلال مظاهرات السويس كان مسجد الشهداء بمدينة السويس، الذي يشرف عليه الشيخ حافظ سلامة هو المنبع الذي تخرج منه الآلاف بقيادته متجهة نحو ميدان الأربعين للتظاهر يوميا، وندد الشيخ بالتعامل الغليظ مع أهالي السويس. الشيخ حافظ كان يدرك أن جيل المقاومين توفي، ولا يعيش منهم الآن إلا عدد قليل، وأن شباب الثوار أحفاد هؤلاء الأبطال، يتطلعون لحياة كريمة بعدما استبعدوا من الوظائف وساءت حالتهم الاقتصادية وكممت أفواههم للتعبير عن آرائهم. وبعد أن تكللت الثورة بالنجاح، عاد الشيخ لميدان كفاحه الذي لا يمل منه، عاد للعمل الخيري رافضا أن يـأتي أهالي شهداء الثورة إلى مقر جمعيته ليعطيهم، بل يصر على أن يذهب إلى بيوت الشهداء بنفسه، وأن تصل "حقوق الشهداء في رقبته" إلى بيوتهم، وخاصة أنه يؤكد أن الذين خرجوا في مظاهرات السويس هم أبناء الشهداء والمجاهدين من رفاقه في كفاح الاحتلال قديما، وبالتالي فإن الذين سقطوا هم شهداء أبناء شهداء أو مجاهدين. وانتسب الشيخ سلامة للعمل الخيري مبكرا وشارك في الكثير من الجمعيات الخيرية في السويس، وكان له دور اجتماعي وسياسي ونضالي بارز، حيث أسهم في دعم المقاومة والمشاركة في العمليات الفدائية والتعبئة العامة للفدائيين ضد الاحتلال الإنجليزي. "شباب محمد" وقد بدأ الشيخ مسيرته النضالية أثناء الحرب العالمية الثانية حينما هاجرت أسرة الشيخ حافظ سلامة من السويس هربا من مسرح الأحداث الدائرة بين قوات المحور وقوات الحلفاء، إلا أن سلامة ذي التسعة عشر ربيعا آنذاك، رفض أن يهاجر معهم وفضل البقاء في السويس ليلعب دورا كبيرا في عمليات الدفاع المدني لمساعدة الجرحى والمصابين. انضم الشيخ حافظ سلامة إلى جماعة «شباب محمد» التي أنشأها مجموعة من الأشخاص المنشقين عن «الإخوان المسلمين» وحزب مصر الفتاة عام 1948، وشارك من خلال تلك الجمعية في النضال الوطني في مصر ضد الاحتلال الإنجليزي، فشكل حافظ أول فرقة فدائية في السويس، كانت مهمتها الرئيسية مهاجمة قواعد القوات الإنجليزية الرابضة على حدود المدينة، والاستيلاء على كل ما يمكن الحصول عليه من أسلحة وذخائر. وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952م وتحديدا في الستينيات أصدر جمال عبد الناصر قرارا بحل جمعية شباب محمد وإغلاق صحفها على خلفية مقالات تهاجم فيها العلاقات السوفييتية المصرية، ثم اعتقل الشيخ حافظ سلامة بعد ذلك في إطار الاعتقالات التي نفذها النظام الناصري ضد «الإخوان المسلمين»، وظل في السجن حتى نهاية 1967. وبعد النكسة، أفرج عن الشيخ حافظ سلامة في ديسمبر (كانون الأول) عام 1967، فاتجه إلى مسجد الشهداء بالسويس، وأنشأ جمعية «الهداية الإسلامية»، وهي الجمعية التي اضطلعت بمهمة تنظيم الكفاح الشعبي المسلح ضد إسرائيل في حرب الاستنزاف منذ عام 1967 وحتى عام 1973، ليضيف إلى جهاده ضد الإنجليز جهادا ضد الصهاينة. لعب الشيخ حافظ سلامة دورا مهما في عملية الشحن المعنوي لرجال القوات المسلحة بعد أن نجح في إقناع قيادة الجيش بتنظيم قوافل توعية دينية للضباط والجنود تركز على فضل الجهاد والاستشهاد وأهمية المعركة مع اليهود عقب هزيمة 1967، والاستعداد لحرب عام 1973، وكانت هذه القوافل تضم مجموعة من كبار الدعاة وعلماء الأزهر وأساتذة الجامعات في مصر مثل شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود، والشيخ محمد الغزالي، والشيخ حسن مأمون، والدكتور محمد الفحام، والشيخ عبد الرحمن بيصار.. وغيرهم. اختارته الأقدار وفي أحداث الثغرة التي اجتاحت على أثرها القوات الإسرائيلية مدينة السويس تعرضت المدينة لحصار شديد من القوات الإسرائيلية وقصف مستمر من الطائرات وتقدمت إلى المدينة 200 دبابة وكتيبة من جنود المظلات وكتيبتان من جنود المشاة بعربات مدرعة قاد خلالها الشيخ حافظ سلامة أعمال المقاومة بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه في احتلال السويس. وقد أثنى الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت الحرب على دوره قائلاً: "إن الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية، إمام وخطيب مسجد الشهداء، اختارته الأقدار ليؤدي دورًا رئيسيًّا خلال الفترة من 23– 28 أكتوبر عام 1973 عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه من أجل احتلال المدينة الباسلة". ظل الشيخ حافظ سلامة يلعب دورا إيجابيا في مجتمعه من الناحية الدعوية والاجتماعية وأيضا السياسية، فقد رفض الشيخ حافظ سلامة زيارة السادات للقدس عام1977، ومعاهدة كامب ديفيد عام 1979، مما جعل الرئيس السادات يضعه على رأس قائمة اعتقالات سبتمبر (أيلول) 1981، وقد أفرج عنه بعد اغتيال السادات. وعلى الرغم من تقدم السن فلا يزال الشيخ حافظ سلامة يمتلك عزيمة وهمة غير عادية في العمل الخيري، يود أن يلقى الله بها، منها بناء المساجد مثل مسجد النور الشهير بالعباسية، والكثير من المساجد في مدينة السويس التابعة لجمعية الهداية الإسلامية، وبناء المدارس الإسلامية بمدينة السويس ومساعدة المحتاجين، بالإضافة إلى مجمع الرحمن بمنطقة المظلات الذي تعثر إتمامه فترة من الزمن بسبب تجميد نظام مبارك لأموال وأعمال جمعيته. وقد ولد الشيخ حافظ علي أحمد سلامة بالسويس في 6 ديسمبر 1925م أثناء الاحتلال الإنجليزي لمصر، ليكون الابن الرابع لوالده الحاج علي سلامة الذي كان يعمل في تجارة الأقمشة. وقد بدأ حافظ سلامة تعليمه بكتاب الحي ثم التعليم الابتدائي الأزهري وأخذ في تثقيف نفسه في العلوم الشرعية والثقافة العامة ودرس العديد من العلوم الدينية ثم عمل في الأزهر واعظًا، حتى أصبح مستشارًا لشيخ الأزهر لشئون المعاهد الأزهرية حتى 1978م، ثم أحيل إلى التقاعد. | |
|